عادي
أكدوا لـ «الخليج» أن العمل متكامل من أدنى وظيفة إلى أعلاها

مواطنون يعملون سائقي ليموزين بدوام مرن

01:09 صباحا
قراءة 8 دقائق

تحقيق: عبد الرحمن سعيد
انتشرت أخيراً ظاهرة انخراط عدد كبير من المواطنين في شركات التوصيل مثل «أوبر» وغيرها، ضاربين بذلك أروع الأمثلة في التفاني بالعمل والالتحاق بأي وظيفة، بدلاً من الجلوس في المنزل وانتظار الوظيفة، وأجمع كثير ممن انخرطوا في هذه الوظائف على دورها المهم في تحسين الدخل الشهري، ومحاربة البطالة، إلى جانب العمل سفراء للدولة، لأن أغلبية تعاملهم خلال الوظيفة يكون مع السياح والزوار، بتوصيلهم بالسيارات المسجلة في شركات التوصيل، وهم خير من يعرف المعالم السياحية وشوارع الإمارات.

يؤكد عدد من المواطنين الذين يعملون سائقي ليموزين، بالتعاون مع شركات التوصيل المختلفة بنظام الدوام المرن، ممن التقتهم «الخليج»، إيمانهم التام بأن العمل الوطني متكامل من أدنى وظيفة إلى أعلاها، وعلى كل واحد منا تقديم خدمة لوطنه بحسب موقعه، وسائق التاكسي يقدم خدمة لا تقل عن باقي الأعمال، حيث يكون واجهة إيجابية لوطنه.

فيما يوضح عدد من المستخدمين لشركات التوصيل، أنهم يفضلون التعامل مع الإماراتيين العاملين فيها لتوصيلهم لوجهاتهم، للالتزام الذي يجدونه من حيث الوصول في الموعد المحدد، والمعاملة الراقية والأخلاق الحميدة، والاستقبال الرائع، ونظافة السيارات ورائحتها العطرة. كما أنهم مطلعون على تفاصيل الشوارع والضواحي في مختلف أنحاء الدولة، لذا وجدوا أن المواطن صاحب السيارة يمتاز بحرصه على أن تكون الكلفة منخفضة على الراكب بالوصول للجهة المستهدفة بأقصر الطرق.

ويوضحون أنهم يشعرون بالسعادة عندما يصادفون إماراتياً يعمل بالتعاون مع إحدى شركات التوصيل، ويجدون راحة نفسية بالغة في التعامل معه، مبينين أنهم صادفوا أكثر من مرة سائقي ليموزين غير مواطنين، يحاولون بطريقة أو بأخرى سلوك طرق أطول، لزيادة قيمة الفاتورة، ما يعود على السائقين بفائدة في تحقيق مكاسب مادية أكثر.

الصورة
1

تحسين الدخل

ويقول الإماراتي جعفر محمد، موظف في إحدى الجهات الحكومية في أبوظبي: أعمل كابتن في شركة توصيل مرخصة في الدولة منذ 4 سنوات بسيارتي الخاصة لأسباب عدة، أولها تحسين للدخل، حيث إن العمل مجدٍ ويدر أموالاً لا بأس بها قد تساعد في أمور كثيرة، أو تخصص للترفيه، وثانيها تعزيز الانطباعات الجميلة عن شعب الإمارات، حيث إن الإماراتي سفير للدولة في مختلف بقاع الأرض أينما ذهب.

ويضيف: «بعد الاطلاع على شروط العمل لدى الشركة، توجهت إلى مركز النقل المتكامل في أبوظبي، وتقدمت بطلب الحصول على تصريح مزاولة مهنة سائق تاكسي خاص، وحصلت على التصريح شأني شأن عدد كبير من الشباب المواطنين الذين يقبلون على هذا النوع من العمل، ومهنة سائق التاكسي لا تقل أهمية عن أية وظيفة أخرى».

ويوضح أن ابن البلد لديه معلومات عن مختلف المناطق السياحية على مستوى الدولة وجميع الأماكن، ما يريح الراكب في سرعة الوصول وبأقل كلفة، إلى جانب أنه أقدر في التعامل مع مختلف الثقافات في الدولة، مشيراً إلى أن هناك فئة كبيرة من سائقي التاكسي من الجنسيات الآسيوية لا يستطيعون التحدث باللغة العربية أو الإنجليزية، ما يشكل عائقاً للمستخدمين في شرح مكان التوجه أو الاستفسار عن أي شيء.

1
عمار الشامسي

العمل الوطني

ويوضح عمار سيف الشامسي، أنه التحق أخيراً سائقاً في إحدى شركات التوصيل، ليس لتحسين الدخل فقط، وإنما لخدمة الوطن في شتى المجالات قائلاً: «اخترت هذا العمل لأنني أؤمن أن العمل الوطني كله متكامل من أدنى وظيفة إلى أعلاها، وأن على كل فرد من أفراد المجتمع تقديم خدمة لوطنه حسب موقعه، والسائق يقدم خدمة لا تقل عن باقي الأعمال حيث يكون واجهة إيجابية لوطنه وهو خير من يمثله».

ويؤكد أنه حاصل على شهادة عليا من إحدى الجامعات المرموقة في الدولة، ولديه عمله في إحدى المؤسسات الحكومية، وقراره بالعمل بدوام جزئي لدى إحدى شركات التوصيل، كان للعمل سفيراً للدولة في التعامل مع زوارها، وخاصة خلال الحدث العالمي الأهم والأكبر «إكسبو 2020» مستشهداً بكلمة صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، في مجلسه لأجيال المستقبل عام 2017، حينما قال «مستعدين نخدم بلادنا في كل شيء، مب عيب الواحد يشتغل ويخدم بلاده حتى لو سايق تاكسي»، ومنذ تاريخ هذا الخطاب الملهم، قررت أن يكون جزء من عملي سائق تاكسي بسيارتي الخاصة، لأنقل رسالة جديدة لأبنائي وأصدقائي والأجيال الجديدة من المواطنين، مفادها بأن خدمة الوطن واجب في أي موقع.

ويشير إلى أنه دائماً يحرص على إطلاع الزوار المتعاملين على الأنشطة الترفيهية ذات الكلفة المنخفضة، للمساهمة في إدخال البهجة والسرور على الزوار من ذوي الدخل المحدود.

مساعدة المحتاجين

ويوضح أنه في أغلب الأحيان يخصص ما يكسبه من العمل سائقاً، في التبرع للمحتاجين عبر إعطائها للجهات الرسمية والمعتمدة في الدولة، كالهلال الأحمر الإماراتي، ما يجعله يشعر بأنه يخدم مجتمعه على أكمل وجه. وكذلك المساهمة مع المؤسسات الإنسانية والخيرية الإماراتية في تقديم يد العون للفقراء والمحتاجين عالمياً.

لغات كثيرة

ويذكر أنه يجيد التحدث بالعربية والإنجليزية، وقليل من اللغة الهندية والصينية واللاتينية، ما يجعله قادراً على التواصل مع مختلف الزوار من دول عدّة.

ويوضح أن عمل المواطنين في هذا المجال له كثير من المميزات الإيجابية، أولها أن هناك عدداً كبيراً من السياح يزورون الإمارات للمرة الأولى، ويكون لديهم شغف في سماع اللهجة الإماراتية، والتعرف إلى الثقافة الإماراتية القريبة من قلوب مختلف الشعوب، نظراً لمبادرات القيادة الرشيدة في نشر التسامح والتعايش بين الأفراد عالمياً.

عمل ترفيهي

ويقول أحمد الأمير، موظف لدى القطاع الخاص، إنه يعمل مع شركات التوصيل منذ نحو عامين، وسيلة للترفيه، حيث إنه يستمتع بقيادة سيارته الخاصة في مختلف شوارع الإمارات وخاصة أبوظبي، وانتهز فرصة ترخيص مركز النقل المتكامل للعمل مع مختلف شركات التوصيل، والالتحاق بهذا العمل المرن الترفيهي الذي لا يتطلب عدد ساعات عمل محددة أو أياماً محددة.

ويؤكد أنه يستمتع بالتعامل مع ثقافات مختلفة يومياً، كما يشعر بالسعادة الغامرة كلما تعامل بأخلاق رفيعة مع المستخدمين، ليسهم في ترسيخ وتعزيز صورة الشعب الإماراتي المشتهر بكرم الأخلاق والمعاملة الراقية. مشيراً إلى أنه يخصص الأموال التي يكسبها من العمل في شركة التوصيل للترفيه على نفسه وأفراد أسرته، لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في أماكن تنزّه متعددة، لأنه يفضل توظيف راتبه الشهري من شغله الأساسي في أشياء مفيدة على المدى البعيد، كشراء العقارات أو تجديد السيارات أولاً بأول وغيرها من المبادرات التي تحافظ على الأموال.

ويشير إلى أنه يخصص 3 أيام في الأسبوع للعمل في إحدى شركات التوصيل، بعد الانتهاء من عمله والذهاب للمنزل لتناول وجبة الغذاء، والاستراحة لمدة ساعة تقريباً، ثم الخروج للتعامل مع مستخدمي شركات التوصيل من جنسيات وبلاد مختلفة، لمدة لا تقل عن ساعتين، حيث يقابل نحو 6 مستخدمين يومياً. لافتاً إلى أن إمارة أبوظبي تتمتع بتخطيط عمراني يسهل التنقل من مكان إلى آخر، ما لا يشكل عبئاً على المستخدم، وكذلك يمكنه من التقاء الكثير من الأشخاص.

المعاملة الراقية

والتقت «الخليج» عدداً من مستخدمي شركات التوصيل الذين أكدوا حرصهم على طلب سائقين مواطنين، لالتزامهم وحسن معاملتهم، حيث يقول المستشار الأكاديمي الإماراتي أنس الحميري، إنه أحياناً يلجأ لاستخدام شركات التوصيل عندما يترك سيارته الخاصة في التوكيل لإجراء الصيانة الدورية، ودائماً ما يحرص على طلب سائق مواطن لتوصيله إلى وجهته، نظراً للالتزام الذي يجده من حيث الوصول في الموعد المحدد، والمعاملة الراقية والأخلاق الحميدة، والاستقبال الرائع وحرصهم على نظافة السيارة بشكل دائم.

ويوضح أنه كلما خاض نقاشاً مع أحدهم، وجد أن سائق السيارة شاب مثقف ومتعلم وخريج جامعي وحاصل على شهادات أكاديمية في تخصصات علمية وأدبية، وأحياناً منهم من واصل دراسته العليا حتى حصل على الماجستير والدكتوراه، ومازال يعمل بالتعاون مع شركات التوصيل في أوقات فراغه، ليس لتحسين الدخل أو الحاجة المادية، بل لتأكيد أهمية العمل في شتى المجالات. مؤكداً أن مبادرة الشباب المواطنين في العمل بشركات التوصيل تعزز دورهم سفراء للدولة لتمثيلها أمام السياح والزوار وحتى المقيمين.

ويشير إلى أنه كلما طلب سيارة يقودها شاب مواطن، وجد أنها بحالة نظيفة جداً وتكون جيدة من حيث إجراء الصيانة الدورية، وموديلها دائماً ما يكون حديثاً، وبعضهم يضع بداخل السيارة بعض وسائل الترفيه والتسلية مثل المجلات الثقافية والتراثية السياحية والعلمية والقصص، وبعض الكتب لكي يستثمر الراكب وقته في شيء مفيد، ما ينعكس إيجاباً على المستخدمين ويبثّ البهجة في نفوسهم.

دعم القطاع الخاص

«الشغل مش عيب» هكذا خاطبنا الكاتب الإماراتي أحمد الدرمكي، الخبير الاقتصادي الذي يرى أن عمل المواطن بالتعاون مع شركات التوصيل لا يقلل من شأنه حتى إذا كان لتحسين الدخل، وهذا أفضل بكثير من الاتجاه للبنوك للاقتراض أو بدء التعامل ب «بطاقات الائتمان» الذي يكبد المستخدم العديد من الخسائر وتحمل الفائدة البنكية.

ويشير إلى أنه دائماً يستخدم شركات التوصيل، حيث يفضل استخدامها عن استخدام التاكسي التقليدي، لأنها الطريقة الفضلى للتنقل من مكان إلى آخر، لأسباب كثيرة منها الفواتير المحسوبة وفقاً لعدادات أوتوماتيكية، تحسب الكيلومترات المقطوعة وكاميرات المراقبة.

نموذج إماراتي

وبين أنه منذ أسابيع قليلة طلب سيارة توصيل من إحدى الشركات، وفوجئ بأن سائق الليموزين إماراتي حاصل على البكالوريوس من إحدى الجامعات المرموقة في الدولة، ويحضر للماجستير، ويعمل موظفاً لدى إحدى الجهات الحكومية الكبيرة في أبوظبي، لافتاً إلى أنها كانت من أفضل الرحلات التي طلبها، للانطباع الجيد جداً الذي تركه السائق فيه، من حيث نظافة السيارة وجودة اللغة والرائحة العطرة.

ويؤكد أن عمل المواطنين «بدوام جزئي» لدى إحدى شركات التوصيل له الكثير من الفوائد الإيجابية، من بينها: تنمية المهارات الشخصية، وتقوية العلاقات الاجتماعية عبر الاختلاط يومياً بجنسيات ولهجات مختلفة ومتعددة، وتكوين الخبرات التي قد تمكن من تدشين المشروعات الخاصة في المجال ذاته، حيث إن أغلب المستثمرين العمالقة بدؤوا حياتهم بهذا الشكل.

حسن المعاملة

ويقول هيثم أنور طاهر، موظف لدى القطاع الخاص في أبوظبي، إنه دائماً يستخدم شركات التوصيل خاصة في عطلات نهاية الأسبوع، لأن أغلب الأماكن والمتنزّهات تكون مزدحمة بالسكان والزوار ويجد صعوبة في الحصول على موقف سيارة، لذا يتجه لتلك الشركات، ودائماً ما يحرص على طلب إماراتي، نظراً لحسن المعاملة ولنظافة السيارة ورائحتها العطرة، وكذلك موديل السيارة.

ويوضح أنه دائماً ما يجد تعاوناً من الإماراتيين لدى شركات التوصيل حيث إنهم لا يبحثون عن الربح المادي في الدرجة الأولى، ولكنهم يحرصون على توصيل المستخدم في الوجهة المحددة دون الإطالة.

كُلفتها منخفضة وسريعة في الوصول إلى أي جهة

1
أحمد عاشور

يبين أحمد عاشور، موظف لدى القطاع الخاص في أبوظبي، أنه عندما يلجأ لطلب سيارة من شركات التوصيل يحرص على طلب إماراتي، حيث إنهم أكثر دراية بتفاصيل الأماكن، وفي الوقت نفسه الكلفة المنخفضة لسرعة الوصول إلى الجهة المستهدفة.

ويوضح أنه عندما يصادفه إماراتي يعمل متعاوناً مع إحدى شركات التوصيل يجد راحة نفسية بالغة في التعامل معه، حيث إنه يعلم أن ثقافة الشعب الإماراتي مبنية على الكرم واحترام الآخر والمعاملة بالمساواة بين جميع أفراد المجتمع، لذلك يطمئن ويرتاح إلى أنه سيوصله إلى وجهته من الطرق المختصرة دون القلق من اتخاذ طرق طويلة. مبيناً أنه صادف أكثر من مرة سائقي ليموزين يحاولون بطريقة أو بأخرى اتخاذ طرق أطول لترتفع الفاتورة ما يعود عليهم بفائدة تحقيق مكاسب مادية أكثر.

ويؤكد أن المواطنين الذين صادفهم يعملون في هذا المجال يتمتعون بالنزاهة المادية، ضارباً مثالاً بالقول إن قوانين شركات التوصيل تحسب المدة التي ينتظر فيها السائق المستخدم، بناء على إبلاغ السائق بوصوله لمكان المستخدم، وتتأكد من ذلك عبر الخريطة الموجودة في التطبيق. مشيراً إلى أنه صادف أكثر من مرة إماراتيين يرفضون حساب هذه المدة ضمن الفاتورة المدفوعة، حيث يبدأ في احتساب الرحلة فور التحرك إلى الوجهة المراد الذهاب إليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"