محمد الأحمد *
أعلنت شركة أمازون في مارس 2022 عن أول تجزئة للسهم منذ عام 1999 والرابع منذ بدأت الشركة عام 1997. وستقوم الشركة بتجزئة كل سهم إلى 20 سهماً في الثالث من شهر يونيو 2022 بعد إغلاق جلسة التداول الأمريكية. بمعنى أن كل مستثمر لديه حصة واحدة في أمازون سيحصل على 20 سهماً. وقالت الشركة أيضاً إن مجلس الإدارة حصل على الموافقة بإعادة شراء ما قيمته 10 مليارات دولار من الأسهم.
كيف سيؤثر هذا القرار في سعر السهم وقت الانقسام وماذا يمكن توقعه لهذه الشركة التقنية العملاقة في المستقبل؟
قبل التعمق في تجزئة سهم أمازون، نحتاج إلى توضيح ماذا نعني بتجزئة الأسهم ولماذا تستخدم الشركات الكبرى هذه الإستراتيجية. وكيف تؤثر في المساهمين ولماذا ينتظر العديد من المتداولين هذا النوع من الإجراءات؟
تجزئة الأسهم هي عندما يصدر مجلس إدارة الشركة المزيد من الأسهم لمساهميها الحاليين دون تغيير قيمة حصصهم. يزيد تقسيم الأسهم من عدد الأسهم القائمة ويقلل من القيمة الفردية لكل سهم. بينما يتغير عدد الأسهم القائمة، تظل القيمة السوقية الإجمالية للشركة وقيمة حصة كل مساهم كما هي.
في كثير من الحالات، تجزئة الأسهم هي استراتيجية تستخدمها الشركات لتحقيق هدف معين غالباً ما يكون خلق المزيد من السيولة من خلال جعل السعر أكثر جاذبية لعدد أكبر من المستثمرين عندما ينخفض سعره. يمكن للعديد من كبار المستثمرين تحمل شراء الأسهم ذات الأسعار المرتفعة، لكن ليس كذلك بالنسبة للمستثمرين الصغار الذين لديهم الرغبة في الاستثمار في شركات كبرى، ولكنهم اختاروا البقاء خارجها بسبب نقص السيولة وعدم كفاية رأس المال المستثمر به لشراء أسهم الشركة.
لا يستسيغ بعض المستثمرين فكرة الإنفاق الكبير على سهم واحد، حيث يمكنهم في الوقت نفسه استخدام المبلغ نفسه لشراء عدة أسهم لشركة أخرى، أو أسهم لعدّة شركات متنوّعة.
استثمارياً، ولتقليص المخاطر، يتوجّه العديد من المستثمرين إلى تنويع حيازتهم للأسهم في محافظهم الاستثمارية. وعندما يرغب أحد المستثمرين بشراء عدّة أسهم، قد لا يستطيعون شراء أسهم إحدى الشركات رغم أنهم راغبون بذلك، حفاظاً على تنويع المحفظة الاستثمارية. ولهذا السبب ينتظر الكثير من المستثمرين فترات زمنية طويلة بانتظار انخفاض أسعار الأسهم.
بالتالي، تلجأ بعض الشركات لتجزئة الأسهم، لزيادة عدد المستثمرين القادرين على اقتناء السهم والتداول أو الاستثمار فيه.
تعتبر تجزئة الأسهم أمراً يمكن اعتباره «تجميلياً» لسعر السهم المتداول، ولا يغير شيئاً جوهرياً في الشركة. ومع ذلك، أظهرت أكثر من 70% من الشركات نمواً تاريخياً في السيولة بعد هذا الإجراء. هناك سببان وراء تفوق الأسهم في الأداء بعد الانقسامات: أحدهما، يرى المستثمرون أن تقسيم الأسهم علامة على ثقة الإدارة. ثانياً، تزيد الأسهم ذات الأسعار القليلة لشركة كبرى السيولة من خلال جعل الأسهم في متناول مستثمري التجزئة.
أمازون هي أحدث شركة تقنية ذات قيمة عالية تقوم بخفض سعر السهم من خلال عملية التجزئة. أعلنت شركة «ألفابيت» الشركة الأم لشركة «جوجل»، عن تجزئة أسهمها ل 20 سهماً مقابل كل سهم، وحصل ذلك في الأوّل من شهر فبراير 2022. في منتصف عام 2020، كشفت شركة «أبل» عن خطط لتجزئة أسهمها إلى أربعة أسهم مقابل كل سهم، وأخبرت شركة «تسلا» المستثمرين بأنها تقوم بتجزئة أسهمها إلى خمسة أسهم مقابل كل سهم.
يتداول سعر سهم أمازون حالياً فوق 2300 دولار للسهم الواحد، ويعتبر العديد من المستثمرين هذا السعر مكلفاً للغاية، لكن في الآونة الأخيرة يواجه السهم اتجاهاً هابطاً، ما يشير إلى انخفاض السعر الذي يستخدمه الكثيرون كنقطة دخول في تداولهم. يرغب المستثمرون المحبون للتكنولوجيا بامتلاك أسهم أمازون في محافظهم الاستثمارية لأنها واحدة من أكثر الشركات التي تمتد أعمالها للعديد من الدول في جميع أنحاء العالم. وبحسب التحليل المالي، يرى البعض سعر سهم أمازون مرشّحاً للصعود لكن يمنعهم عن شرائه سعره السوقي المرتفع. كذلك، توجّه الإدارة لإعادة شراء الأسهم أمر آخر مشجّع للمستثمرين للقيام بالشيء نفسه، حيث إن آخر مرّة فعلت الإدارة لشركة أمازون ذلك كان عام 2011.
عادةً ما تؤدي تجزئة الأسهم إلى زيادة اهتمام المستثمرين الأفراد ومستثمري التجزئة، ولكن هذا يحدث خلال الفترات العادية في سوق الأوراق المالية. في الوقت الحالي، الاقتصاد الأمريكي مهدد بالوقوع بالركود، ومن المحتمل أن تنخفض أسهم أمازون.
فقد سعر السهم مؤخّراً أكثر من 43% من قيمته التاريخية التي وصلها، وانخفض بعدها إلى مستوى دعم تاريخي موجود حول سعر 2030 دولاراً. في حال هبط سعر السهم ما دون هذا المستوى، فقد ينخفض إلى 1800 دولار.
يرغب مستثمرو التجزئة في شراء جزء من هذه الشركة العملاقة مقابل 100 دولار فقط، بدلاً من 3000 دولار قبل شهرين، ومع زيادة السيولة المتداولة على السهم بعد التجزئة، وحين عودة الظروف الأساسية اقتصادياً ومالياً للجانب الإيجابي، فقد نرى سعر السهم يبدأ بالارتفاع من جديد.
* الشريك المؤسس والعضو المنتدب الإقليمي لمجموعة Equiti الشرق الأوسط وشمال إفريقيا