عادي

تدوير عبوات الحليب تقي مشرّدي بوينوس آيرس البرد

19:56 مساء
قراءة 3 دقائق

على أرصفة العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيرس، تجد عشرات آلاف عبوات الحليب البلاستيكية حياة ثانية لها، من خلال إعادة تدويرها على يد مشردين في خضم الشتاء الجنوبي.

وتنخفض درجة الحرارة في المناطق المحيطة بالعاصمة الأرجنتينية منتصف يونيو/حزيران ليلاً لتلامس الصفر. لكن الرطوبة الناجمة عن وجود مصبّ ريو دي لابلاتا النهري الضخم في المحيط الأطلسي، بالإضافة إلى الرياح، يجعلان درجة الحرارة المحسوسة أدنى من الفعلية.

ومن هنا برزت الحاجة إلى البلاستيك من نوع بولي إيثيلين، وهو الأكثر شيوعاً في العالم، ويُستخدم في عدد كبير من عبوات المواد الغذائية، وتحديداً تلك الخاصة بالحليب؛ لأنه متين وطريّ ومقاوم للمياه.

وبدأت عمليات إعادة تدوير عبوات الحليب البلاستيكية قبل عشر سنوات عندما حصلت غابرييلا «غوغا» دوديرو من إحدى صديقاتها على حقيبة صغيرة مصنوعة من عبوات الحليب المعاد تدويرها.

ولا يزال عدد من الأرجنتينيين يستذكرون عمل جداتهم اللواتي كنّ يصنعن بواسطة تقنية الكروشيه للحياكة حقائب يد صغيرة أو كبيرة من البلاستيك قبل شيوع فكرة المواد القابلة لإعادة التدوير.

وتقول غوغا دوديرو، وهي مصممة أزياء سابقة، إن الهدية التي تلقتها دفعتها إلى إطلاق مشروع «لا ساشيتيرا» المتمثل في إعادة تدوير هذه «المنتجات المقاومة للماء»؛ لكي يفيد منها المشرّدون بعدما كانت تُرمى قبل عشر سنوات.

وتضيف أن بوينوس آيرس منطقة شديدة الرطوبة، «ما يجعل الأشخاص الذين ينامون في الشوارع يشعرون بالجفاف عندما يستيقظون».

وينشط 12 متطوعاً في المشغل الواقع في فيا بوش شمال غرب بوينوس آيرس؛ حيث كانت دوديرو موجودة.

وتخضع العبوات الملوّنة بعد غسلها وتجفيفها إلى عملية تقطيع، ثم تُجمع عبر سدادة حرارية، و«توضع اللمسات الأخيرة على عملية الجمع باستخدام ماكينات للخياطة أو بواسطة الأيادي لوصل العبوات بخيط واحد».

وتستخدم في تصنيع المنتجات كميات متفاوتة من العبوات البلاستيكية المجموعة، ما يؤدي إلى تصنيع 80 حقيبة نوم، ونحو 200 بطانية عازلة كبيرة.

وفيما يتولى مشروع «لا ساشيتيرا» تصنيع ما يصل إلى 600 منتج سنوياً، حظيت هذه المبادرة بشعبية كبيرة، وأصبحت مصدر إلهام لمنظمة «إسبارتانوس» التي تعنى بالمساجين.

ويدرك المتطوعون في «لا ساشيتيرا» جيداً حجم نتائج مشروعهم.

وتشير غابرييلا (45 سنة)، وهي أم لابنين انضمت إلى البرنامج قبل خمس سنوات وتعلّمت «خياطة البلاستيك»، إلى أن المشروع «لا يحل المشكلة الكبيرة للمشردين، لكنه وسيلة تقيهم البرد القارس والمطر والندى».

ويشير كريستيان بول راميزير سوريا (40 سنة)، وهو متحدر من الأوروغواي، يمضي ليلته إلى جانب شخصين تحت أقواس أحد مسارح ضاحية سان فرناندو، في حديث لوكالة فرانس برس، إلى أن البطانية العازلة «مفيدة جداً عند تساقط الأمطار، ونتفادى من خلالها البلل، ما يحمينا من الموت جراء انخفاض درجة حرارة أجسامنا».

ويضيف أن هذه المنتجات «بالغة الأهمية لنا، نحن الذين نعيش في الشارع على مدار الساعة منذ سنوات»، معرباً عن امتنانه ل«شيكوس»، وهي جولات يقوم بها المتطوعون كل أحد لتوزيع الغداء على المشردين، بالإضافة إلى شراب المتة الساخن وقطعة من الملابس والبطانيات العازلة البلاستيكية.

ويشير إحصاء أجرته البلدية سنة 2021 إلى أن مدينة بوينوس آيرس (ثلاثة ملايين نسمة)، تضم نحو 2600 مشرد، وهو رقم يختلف عن ذلك الذي أحصته شبكة من المنظمات غير الحكومية قبل سنتين، أي قبل أن تُسجل أضرار الجائحة الاجتماعية والاقتصادية، ويبلغ 7200.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"