عبقرية اكتشاف العبقرية

00:05 صباحا
قراءة دقيقتين

هل يمكن التحكم في الإبداع مستقبلاً؟ سؤال يمكن أن يؤخذ على محامل شتى. ذلك يعني مثلاً التخطيط لإيجاد كتّاب وفنانين بمواصفات مطلوبة معينة. طموح غير عادي، يمكن أن يخلط بين النهج الستاليني، وإنبات أشجار الإبداع في أروع صورها. مجال البحث ولا أروع.
الوهم السائد دائماً هو أن الإبداع نبات برّي، ديمي، ينمو تلقائياً بلا زراعة، بلا عناية ورعاية وسقاية، ويثمر ثماراً غير عادية. لا مجال لمقارنة البابونج الطبيعي بالبابونج الزراعي، لكن هذا أكبر ظلم للإبداع وآليات تنمياته. هل لنا أن ندّعي أن موتزارت ضربة حظ عبقرية؟ اليوم في إيطاليا طفل قد يكون أعظم نبوغاً من نابغة المدرسة النمساوية الأولى موتزارت، هو البرعم ابن الخامسة، ألبيرتو كارتوشيا سينجولاني. 
العبقرية تحتاج إلى البحث عنها واكتشافها. هي كالمعادن النادرة، لكن عدم البحث فيه عتاب شديد لأداء نظام التربية والتعليم. معجزة أن تظفر بأذن كاملة مثل أذن ألبيرتو، في سن الخامسة يستطيع أن يتبين كل درجة من مئة وثماني درجات صوتية من البيانو (البيضاء والسوداء)، شيء لا يصدق. هذه ليست فطرة فقط، ولا موهبة فقط. قل أنت كيف خطر ببال كونفوشيوس، أن يوصي بتعليم ابن الرابعة الخط والرسم والموسيقى والشطرنج؟ كلها تركيز في التركيز.
رسالة التربية والتعليم لا تتطلب معجزات تخطيطية، كل ما عليها هو أن تعود إلى سوابق البشرية في التنقيب عن المعادن الثمينة، لا أكثر، لكن المنهج يجب أن يكون مختلفاً. الفكرة العبقرية الخلاقة تتمثل في وضع الأسس الأكاديمية. لكي تكتشف المعجزة، تحتاج إلى ذكاء وقّاد، هو أن تجعل العلم جسراً. لا تذهب إلى خيال بعيد. هل الحياة لعبة؟ هي علم في علم. هي رياضيات وفيزياء وكيمياء وبيولوجيا. قس على ذلك. عليك أن تبني الصرح الذي تريده على العلم. ضع كل الاحتمالات العلمية للبحث عن العبقرية، عندها ستظهر الإمكانات.
لا يمكن أن تتألق الموهبة الموسيقية من دون تمهيد الطريق وإيجاد الفرص. المواهب الأدبية تحتاج إلى بنيان لغوي، أسلوبي، ثقافي، متنوع بلا حدود، لكن الإبداع الحقيقي هو أن نتيح لمن نتوسم فيه القدرة على الإبداع، تنمية قدراته بما تحتاج إليه من روافد، في المجال الذي يكون له تربة خصبة.
لزوم ما يلزم: النتيجة التربوية: أعظم خدمة تُسدى إلى العبقرية هي تنمية عبقرية اكتشاف العبقرية.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"