عادي
سيمفونية قلم

ألحان شديدة اللهجة

23:08 مساء
قراءة دقيقتين
1

إيمان الهاشمي

يُقال إن الدماغ البشري لا يستطيع تصوّر ملامح لم يرها من قبل أبداً، ولذلك عندما تحلم بشخص تكاد تجزم أنك لم تره يوماً، تأكد تماماً أنك قد لمحته في مكانٍ ما، ولو لجزء من الثانية، وكذلك هو الحال مع «الموسيقى الكلاسيكية» في تلك الفترة الأرجوانية، أي المتأرجحة بين مجموع الألحان الإنسانية، وبين كمية الأفكار المتسممة والمتّسمة بالأنانية، حيث اعتُبِرَت الكلاسيكيات آنذاك كنوع من الرفاهية المستوردة، هذا بالنسبة إلى بعض الدول العربية، المتخوفة أو المترددة، في تقبّل النكهة الغربية الغريبة المختلفة والمتمردة، ضد معاني عروبتها وقيمها وأصالتها المتوردة.

ولهذا، نجد الكثير من المؤلفين العرب الذين لم توثق أعمالهم البديعة والمتعددة، وبالتالي ندرت تسجيلاتهم الاحترافية الجميلة والمتجددة، بل انعدم نشرها البتة وفقاً لهذه النظرية اللامنطقية والمتشددة، فقد كان من المفترض أن تبدو موسيقاهم شرقية الدماء، وملتزمة بطابعها الأصيل وبرمز الانتماء، مهما امتد جمال مؤلفاتهم من الأرض إلى السماء.

في آخر الأمر وفي نهاية المطاف، لا يمكننا تجنب صوت الحقيقة الكامنة في ذاك الهتاف، حين تصدح وتصرّح عن رأيها من دون أن تخاف، بأن معظم هؤلاء الموسيقيين وجدوا أنفسهم مضطرين لأن يكونوا عازفين محترفين، أو ربما قادة أوركسترا مبدعين ومتميزين ومختلفين. ومن هنا بزغ نجم المؤلف الفلسطيني سلفادور عرنيطة، من خلال مسيرة فنية ضخمة ونشيطة، وأنغام وُصفت بالسهلة الممتنعة والصعبة البسيطة، ليرسم عالمه الخاص من دون الحاجة إلى الخريطة، فقد كرّس عرنيطة موسيقاه للأغراض الدينية الهامة، حفاظاً على مبادئ الأمن والسلامة، واتباعاً للتقليد المقدس داخل كنيسة «القيامة»، في حقبة زمنية تعكرت فيها الأجواء الأمنية، بغض النظر عما يجول داخل النية المعنية بالهوية العربية الموسيقية، بعيداً عن الأزمة الفكرية والمعضلة الأخلاقية، التي تتعلق بنبذ هيمنة الطغيان والمطامع الاستعمارية. هكذا بكل بساطة، يتم حرق المهارات والعقول الابتكارية، وبالتالي، ألقت أذرع النكبة بعرنيطة خارج موطنه، وأحرقت لون أراضي سكينته ومسكنه، ولكنه لم يستسلم وعمل في بيروت والقاهرة بأمان، ثم قضى أيامه الأخيرة حتى وفاته في عمّان، ولعل هذا كله هو سبب ثورته العارمة، وقوالب ألحانه القاسية الصارمة، في لغة أقرب إلى الرومانسية الألمانية العريقة، بصورة تمزج الثقافتين بكل طريقة، لتظهر أعماله بالصورة العربية الشرقية، وفي الوقت نفسه بالأساليب الأوروبية الاستشراقية.

1

الاسم: سلفادور عرنيطة

التاريخ:

1914 – 1985 (71 سنة)

الجنسية: فلسطين

النشاط: ملحن

من أعماله:

Andante Meditativo

from symphony No.1 for strings

Video Url
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"