أسوأ مترجمي الشعر

00:09 صباحا
قراءة دقيقتين

 

خلال الأشهر الستة الماضية صادف أن كانت غالبية قراءاتي ترجمات، ومنها ترجمة الشعر، وسوف أُنَحّي ترجمات بعينها من قراءة الصفحات الأولى، وفي بعض الأحيان يمكنك أن تعطي مترجم الشعر 100 صفحة من ترجمته لعلّه يعدل عن أخطائه وخطيئاته في الترجمة فتعدل أنت عن تنحيته أو تنحية قراءته، وقد تفلح في ذلك، وقد لا تفلح. وهناك دائماً ميزان نقدي في قراءة الشعر المترجم من لغات العالم إلى العربية، ولا يعرف حساسية هذا الميزان سوى قرّاء الشعر المحترفين، وليس بالضرورة أن يكون هؤلاء القرّاء.. شعراء.
أسوأ مترجمي الشعر من لغات العالم إلى العربية مَن يترجمونه موزوناً أو منظوماً، والبعض يلجأ إلى القافية المسجوعة القائمة على نهايات إيقاعية في حدّ ذاتها.
يعتقد بعض مترجمي الشعر العالمي إلى العربية أن ترجمة الشعر لا تستقيم إلّا إذا كانت الترجمة مثل الشعر «موزون، ومقفّى»، فيقحم هؤلاء الوزن والقافية في نقل الشعر الأجنبي إلى العربية، ويعتقدون مخطئين تماماً أن هذا الوزن وتلك القافية هما الترجمة المهنية الصحيحة.
قراءة ترجمات من هذا النوع تسبب الغثيان، فلا هي تعطيك معنى النصّ المترجم صافياً وشفافاً كما هو في الأصل أو على الأقل كما المعنى في ثلثي الأصل.. ولا هي ترجمات مستندة إلى أي أصل وزني أو عروضي أو موسيقي.
لا أتحدث هنا عن الترجمة القديمة مثل ترجمة عمر الخيّام مثلاً على يد بعض المترجمين العرب الذين نقلوا شعر الخيّام موزوناً بعروض الشعر العربي، بل، أشير إلى ترجمات حديثة على يد بعض الشعراء العرب المقيمين في بلدان أوروبية تعلّموا لغاتها فنقلوا شعر هذه البلدان الأوروبية إلى العربية باجتهادات ترجمانية خاطئة.
مترجمون عراقيون ومصريون ومن البلدان المغاربية العربية يحملون نوايا طيّبة نبيلة في ما يتعلّق بجسور الثقافات الشعرية في العالم، وهؤلاء يصدرون في مشاريعهم الترجمانية هذه عن أفكار حيوية، ولكن المشكلة هنا، أن الشعر غير العربي لا يُترجم بوزن عربي، كما يُترجم بتقفية وزنية عربية، بل الترجمة الحرّة بالنثر المفتوح غير المقيد بأي سجع هي الروح الحقيقة لترجمة شعر العالم إلى العربية.
شبعنا من تكرار عبارة: «الشعر خيانة»، ولكن هذه الخيانة لا يجري فضحها إلّا في ترجمة الشعر، ففي ترجمة الرواية مثلاً لا حاجة للمترجم أن يسجع أو يُقفّي أو يبحث عن وزن أو عروض لينقل الرواية الأجنبية إلى العربية، أي لا حاجة له للخيانة، بينما الشعر فن مكشوف، وأية خيانة في ترجمته بل وفي كتابته أيضاً هي شائنة مفضوحة تحت الشمس.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"