صراع الكبار

00:17 صباحا
قراءة دقيقتين

علي قباجه

يبدو أن روسيا والصين عازمتان على تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الولايات المتحدة التي تعمل على تحجيم هذين العملاقين، عبر استفزازات تقودها، جزء منها عسكرية وأخرى تجارية واقتصادية. فواشطن تحاول وضع العصي في دواليب نمو هاتين الدولتين الكبيرتين بعدما حاولتا الصعود إلى قطبين عالميين لمواجهة التفرد الأمريكي في العالم والقضاء على سيطرتها التي طالما أخضعت دولاً لا تسير في فلكها لإرادتها غصباً.

الصين الحانقة على واشنطن التي أحرجتها عالمياً من خلال زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، أعلنت عن تدريبات «فوستوك» العسكرية مع روسيا ودول حليفة أخرى، هذه التدريبات في ظاهرها روتينية وحدث سنوي، إلا أنها في هذا العام لها وقع خاص، حيث أخذت أبعاداً أخرى، وحملت رسائل عدة، تنوي الدولتان إيصالها إلى خصومها وخصوصاً أمريكا. فبكين أعلنت أن التدريبات هدفها الأول هو دفع العلاقات الثنائية إلى أعلى مستوى، وتوثيق العلاقات إلى أمداء بعيدة، في وقت تخوض فيه روسيا حربها الضروس ضد أوكرانيا المدعومة من تكتل غربي كامل على رأسه الولايات المتحدة.

العملاق الآسيوي يتجه إلى بناء عروة وثقى مع دول عدة لتكون جبهة تستند إليها في حال حدوث أي هزة عسكرية قد يشتعل أوارها مع تايوان، أو في بحر الصين الجنوبي، لذا فإن وزارة دفاعها أكدت أن الهدف من هذه التدريبات هو تعميق التعاون العملي والودي مع جيوش الدول المشاركة، وتعزيز مستوى التعاون الاستراتيجي بين الأطراف المشاركة، وتقوية القدرة على الاستجابة للتهديدات الأمنية المختلفة، لكن اللافت أن الهند من ضمن المشاركين ويبدو أنها تجنح إلى الجبهة الصينية-الروسية، وقد نالت انتقادات حادة وضغوطاً كبيرة للانسحاب من حيادها وإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا.

بوتين من طرفه، دعم الصين في صراعها مع أمريكا عندما أكد أن نخب العولمة الغربية تحاول تحويل اهتمام العالم عن انخفاض مستويات المعيشة والبطالة والفقر، عبر الترويج إلى إخفاقات روسية وصينية، وأشار بوضوح إلى أن الدولتين تدافعان عن وجهة نظرهما في تبني تنمية سيادية وليس الخضوع لإملاءات النخب فوق الوطنية، وشدد على أن الدول المستقلة لن تنصاع لقواعد الآخرين، مهاجماً أمريكا وأتباعها مجدداً عبر اتهامهم بالتدخل بشكل صارخ في الشؤون الداخلية للدول، وتنظيمهم الاستفزازات والانقلابات والحروب الأهلية والتهديدات والابتزاز والضغوط والإملاءات، كما كان موقفه صلباً عندما رأى أن زيارة بيلوسي لتايوان «استفزاز مخطط له بعناية».

أمريكا من جانبها تنظر بعين الخطر إلى هذا التوافق، فقد حاولت إثبات أن الصين توفر غطاء دبلوماسياً لروسيا في حربها على أوكرانيا كي تطالها العقوبات، بينما قالت وزارة الخارجية الأمريكية، إن دفء العلاقات بين بكين وموسكو يتسبب في تقويض الأمن العالمي.

ثمة أجواء حرب باردة بين معسكرات عدة، لكن الخوف أن تندلع شرارة تشعل صراعاً عالمياً، يكون استخدام الأسلحة النووية خلاله هو الخيار الأول للدول، ولن يكون هناك رابح.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2ypu5u7b

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"