عادي

قوّة الدولار وراء انخفاض أسعار السلع.. الذهب والفضة الأكثر تضرّراً

18:12 مساء
قراءة 5 دقائق
الدولار الأمريكي.
دبي: «الخليج»
شهدت تداولات السلع انخفاضاً نسبياً هذا الأسبوع، في ظل نقصان مخزونات العديد من السلع، بحسب أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك.
وسجل تجار الحبوب خسائر، بعد انخفاض أسعار القمح العالمية، حيث ساهمت التوقعات بمحصول روسي قياسي واستمرار تدفق المحاصيل الأوكرانية إلى جانب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في تخفيض أسعار القمح المتداول في باريس وشيكاغو.
وتلقّت المعادن الثمينة، وعلى رأسها الذهب والفضّة، القسم الأكبر من الضرر، حيث اتجه المعدنين إلى تسجيل هبوط أسبوعي بعد إدلاء عدة أعضاء في اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة بتصريحات داعمة لرفع أسعار الفائدة، ما ساعد على تعزيز قيمة الدولار وارتفاع عائدات السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات بواقع 3%.
ويقول هانسن في التقرير الأسبوعي: انخفضت تداولات السلع خلال الأسبوع، حيث ألحقت قوة الدولار الضرر بالعديد من الأسواق. وشهد مؤشر بلومبيرج للسلع الرئيسية، والذي يقيس أداء العقود الآجلة لمجموعة من السلع الرئيسية المتنوّعة تشمل الطاقة والمعادن والزراعة، تداولات منخفضة بنسبة 2.3%. ونظراً للمكاسب القوية في منتجات الديزل والغاز الطبيعي، كانت الطاقة هي القطاع الوحيد الذي يتمتع بالقوة الكافية لمقاومة التأثيرات السلبية لارتفاع أسعار الدولار.
ارتفاع الدولار
وجد الدولار دعماً جديداً وارتفعت عائدات السندات مع ظهور علامات بتباطؤ هبوط قيم الأسهم الأمريكية المستمر منذ شهر.
ونتجت هذه التطورات عن تعليقات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي التي أكدت مواصلة السياسة القائمة على رفع أسعار الفائدة بهدف تراجع مستويات التضخم إلى الحد الأعلى غير المُعدل والمُستهدف على المدى الطويل عند 2%.
وأدت هذه التطورات إلى تعزيز مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمي، نتيجة لعدم السيطرة على مستويات التضخم، وخطر استمرار ارتفاع أسعار الطاقة، الناجم عن ارتفاع أسعار البنزين والديزل والفحم وبشكل خاص الغاز.
أسواق الحبوب
ساهمت التوقعات بمحصول روسي قياسي واستمرار تدفق المحاصيل الأوكرانية، إلى جانب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي في تخفيض أسعار القمح المتداول في باريس وشيكاغو، إذ شهد الممر المفتوح مؤخراً من أوكرانيا شحن أكثر من 500 ألف طن من المحاصيل هذا الشهر، وفي حين أنها لا تزال دون المعدل الطبيعي المُعتاد بكثير، إلا أنها ساعدت على تخفيف الضغوط قليلاً في فترة من الاضطرابات المناخية التي أوجدت صورة متباينة في مناطق أخرى.
ووصلت تداولات العقود الآجلة للقمح في شيكاغو إلى أدنى مستوياتها في يناير تحت مستوى الدعم عند 7.75 دولار أمريكي للبوشل، فيما اقتربت تداولات قمح مطاحن باريس من أدنى مستوياتها منذ شهر مارس. ومع تبدد معظم أسباب الغموض، الذي أثار موجة من الشراء في مارس، ينبغي أن تهدأ الظروف والتطورات قليلاً، مع بقاء الحرب في أوكرانيا كأبرز السيناريوهات المفتوحة ومجهولة النهاية، وتأثيراتها على قدرة الدولة على الإنتاج وتصدير السلع الغذائية الرئيسية كالذرة والقمح وزيت دوار الشمس.
أسعار الذهب
تعثر الذهب والفضة أمام ارتفاع الدولار وعائدات السندات واتجه كلا المعدنين، خصوصاً الفضة، إلى تسجيل هبوط أسبوعي بعد إدلاء عدة أعضاء في اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة بتصريحات داعمة لرفع أسعار الفائدة، ما ساعد على تعزيز قيمة الدولار وارتفاع عائدات السندات الأمريكية لأجل عشر سنوات بواقع 3%. لكن الركود الذي أصاب تداولات المعدنين ساهم في تحفيز عملية الانتعاش خلال الأسابيع الماضية، ومع تسجيل أسواق الأسهم ارتفاعاً في الوقت ذاته، يُعزى ارتفاع الطلب على الذهب بشكل رئيسي إلى الزخم الذي نشأ عن توجه المضاربين في سوق العقود الآجلة.
ونتيجةً لهذا التوجه، يرجع التحول في الأسبوع الماضي إلى ضرورة تخفيض الرهانات المتفائلة بعد موجة شراء هي الأقوى منذ ستة أشهر، حيث امتدت لأسبوعين، وقادت إلى ارتفاع صافي عقود الشراء الآجلة بقيمة 63 ألف لوت أو 6.3 مليون أونصة.
وبالمقابل، تراجعت حيازات الصناديق المتداولة في البورصة إلى أدنى مستوياتها منذ ستة أشهر، ما يشير إلى ثقة المستثمرين بقدرة اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة على الحد من التضخم خلال فترة زمنية قصيرة نسبية. لذا ينبغي للمستثمر المتخوف من ذلك الاحتفاظ بصفقات الشراء كأداة للتحوط ضد أخطاء السياسة النقدية.
وربما يُصاب بعض المستثمرين بخيبة الأمل من جراء الأداء السلبي للذهب أمام الدولار من بداية العام وحتى اليوم، لكن نظراً إلى مواجهته أكبر ارتفاع في العائدات الحقيقية منذ عام 2013، إلى جانب ارتفاع الدولار، فإن أداءه ما زال مقبولاً نسبة إلى الخسائر في السندات والأسهم، خصوصاً بالنسبة إلى المستثمرين بغير الدولار، بمعنى آخر، لا يزال الذهب خياراً آمناً، وبلا خسائر تقريباً، كأداة للتحوط ضد أخطاء السياسة النقدية أو أي توترات جيوسياسية غير متوقعة.
أسواق النفط
اتجه الغاز الطبيعي في أوروبا إلى تسجيل أطول سلسلة من المكاسب الأسبوعية هذا العام، معززاً الضغوط على القطاعات الصناعية والمنازل، ومهدداً في الوقت ذاته بدفع اقتصادات المنطقة نحو الركود.
ويعود الارتفاع الأخير لأسعار الغاز والطاقة، المرتفعة مسبقاً بسبب انخفاض الإمدادات من روسيا، إلى موجة الحر في أغسطس التي رفعت مستويات الطلب من جهة، وخفضت منسوب مياه نهر الراين من جهة أخرى، الأمر الذي أدى بدوره إلى إعاقة المرور الآمن لسفن شحن الفحم والديزل والمواد الأساسية الأخرى، ودفع بمصافي التكرير، مثل مصفاة شيل لتكرير النفط في راينلاند بألمانيا، إلى تخفيض الإنتاج. إضافة إلى ذلك، تراجعت قدرات صهر الألمنيوم والزنك في أوروبا إلى النصف، ما يضيف مزيداً من الدعم لأسعار هذين المعدنين في ظل مخاوف السوق بشأن توقعات الطلب.
وتُبدي تداولات النفط الخام، المتراجعة منذ يونيو، تباطؤاً في عمليات البيع، ما يضفي على التوقعات الفنية مزيداً من الإيجابية والتفاؤل، إلى جانب مساهمة التطورات الأساسية الجديدة في توفير مزيد من الدعم. وشكّلت المخاوف من تباطؤ الاقتصاد، بسبب تعامل الصين المضطرب مع انتشار كوفيد-19، إلى جانب أزمة قطاع العقارات فيها والارتفاع السريع لأسعار الفائدة، الدوافع الرئيسية لنشاط عمليات البيع منذ مارس في مختلف قطاعات السلع، قبل أن تصل في النهاية إلى النفط الخام في منتصف يونيو. ومنذ ذلك الحين، شهد خام برنت تصحيحاً شاملاً بقيمة 28 دولاراً أمريكياً.
وذكرت وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها الأخير، التحول من الغاز إلى النفط بالتحديد كسبب رئيسي دفعها إلى زيادة توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2022 بنحو 380 ألف برميل يومياً، لتصل إلى 2.1 مليون برميل يومياً.
وبالرغم من ظهور موجات من تراجع الطلب خلال الأشهر الماضية، لا نتوقع أن تؤثر بشكل مادي في توقعاتنا الإجمالية بدعم الأسعار، إذ لا يمكن تجاهل الشكوك الكبيرة في مستويات العرض، خصوصاً في ظل اقتراب الانتهاء من عمليات سحب النفط الخام من الاحتياطيات الاستراتيجية الأمريكية، إلى جانب الحظر الوشيك للاتحاد الأوروبي على النفط الروسي، إضافة إلى ارتفاع الطلب على المنتجات المعتمدة على الوقود بدلاً من الغاز عالي التكلفة. وبناءً عليه، نتوقع استمرار التداول ضمن نطاق 95-115 دولاراً أمريكياً للبرميل خلال الربع الثالث من العام 2022.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ybeejxxz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"