عادي
شكلت منعطفاً لافتاً في حياة ستانهوب

«شارع في بريتاني»... لوحة مرسومة بمشاعر الحنين

23:29 مساء
قراءة 3 دقائق
1704

الشارقة: علاء الدين محمود
الرسام ستانهوب ألكسندر فوربس «1857 1947»، هو من الفنانين البريطانيين وأوسعهم معرفة بالكثير من الأساليب الفنية، تلقى تعليمه في كلية دولويتش في بريطانيا، ومدرسة لامبيث للفنون والمدارس، وفي عام 1880 ذهب إلى باريس حيث تأثر بالفنان الفرنسي جول باستيان ليباج، في العام التالي ذهب للعمل في كانكال، قرية صيد صغيرة بالقرب من سان مالو في بريتاني، وبعد أن أكمل دراسته هناك، عاد إلى لندن وعرض الأعمال التي قام بها في «بريتاني»، وهي منطقة ثقافية تقع في شمال غربي فرنسا، كما عرض في عام 1883 في الأكاديمية الملكية.

في عام 1884، انتقل إلى بلدة نيولين في كورنوال في بريطانيا، وسرعان ما أصبح شخصية بارزة في تلك المنطقة التي كانت بمثابة مستعمرة للفنانين، وهو يعتبر عضواً مؤسساً لمدرسة الرسامين ذات الأثر الفني الكبير في نيولين، وغالبًا ما كان يطلق عليه لقب «والد مدرسة نيولين»، حيث كان له تأثير كبير في الفنانين، وفيما بعد قام بتأسيس مدرسة خاصة به، أطلقها هو إلى جانب زوجته الرسامة إليزابيث أرمسترونج.

تُعتبر لوحة «شارع في بريتاني»، من أشهر لوحات فوربس، وهي عمل فنّي يفضله الكثيرون، وتنتمي إلى أسلوبيته وشغفه بالمكان وقربه من الناس ومعايشة همومهم، وتلك أصبحت سمة كل الفنانين الذين ذهبوا إلى بريتاني بل إن ذهابهم إلى نيولين واختيارها كمكان لهم جاء بسبب قربها من بريتاني وما توفره إضاءة رائعة، عدا عن المعيشة الرخيصة، وقربها من البحر، حيث كانوا مفتونين بحياة الصيادين، والوقائع اليومية في المرفأ والقرى المجاورة، قام الرسامون برصد المجتمع هناك وما يعج به من مآس وبؤس، فصورت أعمالهم الأحداث اليومية للناس، وفي لوحة فوربس هذه، يعبر الفنان عن حبه للمكان الذي ارتبط بأهم مراحل حياته، وظل يحن إليه على الدوام.

رؤية

قام فوربس برسم «شارع في بريتاني»، عام 1881، أثناء إقامته في كانكال عاصمة مقاطعة بريتاني، وقد سكن فوربس في نفس هذا الزقاق الظاهر في اللوحة، واسمه اليوم ريو كتشينر، وقد صادفته ذات المشاكل التي تواجه رسّامي المناظر الطبيعية، كتغيّر ضوء الشمس والرياح والأتربة والناس المتطفّلين، كان الفنّان غالبا يرسم مناظر طبيعية وأنشطة حياتية يومية. ولوحاته تعكس حبّه للحياة وتعاطفه مع الناس وتماهيه معهم، وفي تلك المنطقة رسم فوربس مناظر في الهواء الطلق، واستطاع فيها أن يجد كلّ ما كان يرغب فيه من تقاليد متوارثة ولغة قديمة وأسلوب محافظ، وكان منحازاً بشدة إلى جمال الطبيعة في الريف، فأقبل بقوة على الرسم.

كان فوربس يمارس فعل الرسم والإبداع في بريتاني بصورة في غاية التفاني والإبداع، ولشعبية رسوماته استطاع الناس فهم معانيها ورسائلها، وهذا لم يعجب بعض النقاد الذين ظنوا أن أعماله تغيب فيها الرؤى والمعاني والأفكار.

وصف

يظهر في اللوحة شارع هو أقرب إلى الزقاق الضيق بجوار البحر، الذي يفصل بين مبانٍ قديمة، وهو يعج بالفتيات الشابات والصغيرات في السن، يرتدين ذات الملابس التي تشير إلى الفقر والبؤس، ويقفن مصطفات على جانب من الزقاق ويبدو عليهن الانهماك في ممارسة أعمالهن كالحياكة وصناعة الشباك، وتجهيز المكانس وبعض الأدوات المنزلية، وإحدى الشابات في مقدمة اللوحة وتدعى «ديزيريه» كانت تعمل في الفندق الذي يقيم فيه الفنان، غير أن إدارة الفندق طردتها بعد أن تم اتهامها بالسرقة، فطلب منها الفنّان أن يستخدمها كموديل، فأصرت على دفع أجر يومي لها، فكان أن وافق فوربس على ذلك الطلب، واللوحة تعكس براعة في توظيف الإضاءة والظلال، والألوان التي تعبر عن المكان بدرجاتها المختلفة خاصة الأزرق وبعض درجات البني والأبيض.

صدى

على الرغم من قلق فوربس هذا، إلا أن اللوحة نجحت خاصة حين عرضها ولأول مرة في الأكاديمية الملكية للفنون عقب عودته من فرنسا عام 1882، كما بيعت في نفس السنة إلى غاليري ووكر للفنّ بليفربول، وباتت محطّ إعجاب النقّاد.

الصورة
1
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/45kf27s7

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"