المجتمع أم المنصات؟

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

السؤال ب«إلى متى؟» يعد أفضل طريقة، للاحتجاج على خطورة طرح بعض صنّاع المحتوى، الذين يبثون ما يمس خصوصية المجتمعات، ويستفز مشاعر المتابعين، خاصة عندما يكون المعروض منافياً لهوية المكان، وسياقه الثقافي، وطريقته في التعبير عن نفسه، مقارنة بالمجتمعات الأخرى. كما أن الإلحاح الذي تبديه المنصات الإعلامية والترفيهية في إنتاج أو استقطاب برامج قائمة على نقد المحتوى والترويج له بطريقة غير مباشرة، يعد لعباً على وتر الإثارة، والهدف هو الوصول إلى مستوى مشاهدات عالٍ بين الشباب واليافعين، واستقطاب المزيد من المعلنين على حساب وقت المتلقي، والذي لا يمكن إنكار انجذابه لهذا المحتوى، مما يطرح سؤالاً مهماً: ما مصدر هذه الظاهرة؟
مما لا شك فيه أن المنصات الاجتماعية الحديثة تستقطب، فيما تستقطب، الفئات المهمشة في المجتمعات، وتمنح من لا يملك صوتاً للتعبير، حضوراً لافتاً، ومنطقاً قد يقتنع به كثر، لكن الحقيقة أن فئة الشباب واليافعين ليست مهمشة، بل فاعلة بشكل كبير في توجهات المحتوى، ومؤثرة في الحراك الاجتماعي والفكري والاقتصادي، وما نغذي به هذه الفئة على اعتبار أنه جزء من الواقع اليومي والمعيشي، هو بذرة في نسيج المجتمع، قد لا تكون صالحة بالضرورة، مما يؤثر وبشكل كبير في خيارات جيل الغد في السعي اليومي، والعلاقات الإنسانية، وحتى الانتماء للمنظومة القيمية، وهي الدرع التي نرفعها في وجه الهزات المتسارعة في هذا العصر.
المحتوى الرقمي ترافقه حملات إعلانية محلية وعالمية، وتتبع لحظة بثه مشاركات قد تصل إلى أرقام خيالية تثير الغرابة، مقارنة بالأفكار الهزيلة والسلوكات المسيئة بلغة أقل ما يمكن أن توصف به هو «السفاهة»، أما أكثر ما يثير السخرية هو الميزانيات المرصودة لإنتاج برامج تتحدث عن «خصر فلانة»، «ورقص فلان» والتي تقدمها شركات إعلامية معروفة.
إن السكوت عن هذا الطرح، يشجع على تكراره، كما أن غياب الطرح الموازي الذي يقدم النماذج الخليجية الحقيقية الإيجابية، هو ضوء أخضر لاستباحة قصصنا وهويتنا وأبطالنا وطرق تعبيرنا ونظرتنا لقيمنا ومجتمعاتنا، ناهيك عن غياب أدلة لطبيعة العمل والهوية تفرض نوعاً من الالتزام من قبل أي شركة تود استثمار مالها وجهد فرقها في تقديم هذا النوع من المحتوى. أما السؤال المطروح فهو: من تسبب في إفراز هذه الظاهرة غير الصحية، المجتمع أم المنصات؟
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ymz3nuyd

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"