الدواء دون أضرار

د. منى تهلك

من الممكن أن يستغرب البعض ويصابوا بالدهشة عندما يعلمون بأن الدواء الذي يفترض به العلاج، وأنه يساهم في الشفاء من الأمراض، يصبح هو مصدراً للألم وللمرض. والحقيقة المؤلمة أن هناك سوء استخدام للكثير من الأدوية، كما أن هناك تهاوناً واستهتاراً في الحرص على معرفة كيفية تناول الدواء، والفترة الزمنية، ومثل هذه السلوكات المستهينة تحوّل الدواء إلى مسبّب للألم والاعتلال الجسدي، وهناك حالات يحدث فيها عدم تقييم صحيح لحالة المريض ومدى الحاجة الفعلية لهذا الدواء، أو ذاك، أو أن تجد من يصرف الدواء غير دقيق في إعطاء المعلومات بوضوح.

قبل أيام كنت أقرأ في تقرير لمنظمة الصحة العالمية، جاء فيه: «تعد ممارسات المداواة غير المأمونة وأخطاء المداواة سبباً رئيسياً لإصابات وأضرار يمكن تجنبها في نظم الرعاية الصحية في كل أنحاء العالم. وتشير التقديرات العالمية إلى أن التكاليف المتكبدة عن أخطاء المداواة تبلغ سنوياً 42 مليار دولار تقريباً، علماً بأن ارتكاب الأخطاء ممكن في مراحل مختلفة من عملية استعمال الأدوية.

وتُرتكب أخطاء المداواة عندما تؤثر نظم المداواة الضعيفة و/ أو العوامل البشرية، مثل التعب أو رداءة الظروف البيئية، أو نقص الموظفين، في ممارسات وصف الأدوية ونسخ وصفاتها وصرفها وإعطائها ورصدها، والتي يمكن أن تلحق بعدئذ ضرراً جسيماً بالفرد، أو تعرّضه للإعاقة، بل وحتى الموت».

وهكذا يتم تحويل الدواء الذي هو علاج ومكمن الشفاء، إلى مرض آخر له مخاطره وتبعاته الجسيمة على الإنسان وصحته وسلامته.

والمطلوب من كل واحد منا الوعي وفهم آليات وطريقة استخدام العلاجات، والتقيد بالتعليمات الطبية، فضلاً عن قراءة ورقة الاستخدام والإرشادات التي في العادة ترفق مع كل دواء، وأيضاً الحرص على عدم استخدام أي دواء إلا وفق وصفة طبية تم صرفها من طبيب متخصص.

ولنحرص على وضع الدواء في إطاره الصحيح، حتى نتحصل على الفائدة منه، ونتجنب الأضرار الجانبية.

وما يوضح حجم هذه المشكلة على مستوى العالم هو اعتبار منظمة الصحة العالمية أنها تحدٍ عالمي، وهو التحدي الثالث الذي يواجه جهود المنظمة في سلامة المرضى. ودشنت لهذه الغاية «حملة الدواء دون أضرار»، وتهدف إلى تقليل الضرر الجسيم الذي يمكن تجنبه والناجم عن الأدوية بنسبة 50٪ على نطاق العالم، في السنوات الخمس المقبلة.

وهي حملة دُشنت رسمياً، في مؤتمر القمة الوزاري العالمي الثاني بشأن سلامة المرضى، الذي عُقد في بون بألمانيا، يوم 29 مارس/ آذار 2017.

استشاري أمراض نساء وولادة

مدير تنفيذي مستشفى لطيفة