د. منى تهلك
لطالما كانت هناك علاقة قوية ومترابطة بين الجسد والنفس، وبات من الواضح ومن المعلوم لدى الأطباء والمتخصصين في الرعاية النفسية، وبشكل عام، أن السلامة النفسية تؤثر بشكل إيجابي في صحة الإنسان، والعكس أيضاً صحيح، حيث تؤثر الصحة الجسدية في النفسية.
وهذا الترابط، أو إذا صح التعبير التلاحم قوي لدرجة كبيرة، وكل يوم تظهر دراسات وبحوث تؤكد هذا الجانب وتدعمه، لذا لا مبرر أن يطغى جانب في الرعاية الصحية على جانب آخر، بمعنى أنه من المهم أن تكون الرعاية النفسية والعلاج النفسي، في نفس مستوى الرعاية الصحية الجسدية، أو على الأقل في نفس البيئة.
الحالة النفسية للإنسان تؤثر في الجسد بشكل واضح، ولم يعد هناك مجال للتشكيك، أو تسطيح وتجنيب هذا العلم، بين يدي دراسة علمية قرأت خبراً نشر عنها، لم أستغربه، ولم أستغرب أن تربط بين حالة الشيخوخة والتقدم في العمر، وبين حالة الإنسان النفسية، حيث تسهم الحالة النفس المتدهورة في التقدم في العمر؛ بل إن هذه الدراسة توصلت إلى أن أثر المرض النفسي أو العوارض النفسية هائل لدرجة أنها تضر بجسد الإنسان أكثر من التدخين، وإن كان التدخين يسبب أضراراً جسدية عديدة أخرى لا تخفى عليكم.
الدراسة أجراها باحثون من شركة «Deep Longevity» ونشرت نتائجها مجلة «Aging» وشارك فيها نحو 12 ألف صيني. وتحدث فيدور غالكين، الباحث والمؤلف الرئيسي للدراسة، فقال: «بإمكان الناس تحسين صحتهم العقلية للتأثير بطريقة إيجابية على صحتهم البدنية. لأكون أكثر دقة، يمكن أن تتأثر الشيخوخة بحالتك العقلية والعاطفية». وأهم ما خلصت له هذه الدراسة حسب الخبر الذي تم نشره «أن المشاكل النفسية تؤدي إلى تخفيض أمد حياة الإنسان، أكثر مما يفعله التدخين. العوامل النفسية، مثل الاكتئاب ومشاكل النوم والوحدة والشعور بالتعاسة، تؤدي إلى تسريع الشيخوخة».
والحقيقة أن هذه الدراسة توضح لكل منا أن الرعاية الصحية تبدأ من الإنسان نفسه، بالوقاية، وفي الجانب النفسي، الوقاية هنا في تجنب التوتر والغضب والقلق، والابتعاد عن مشاعر الهم والحزن والكآبة، وأشير إلى المرأة تحديداً، خاصة تلك التي تعمل صباحاً، وتعود إلى منزلها لرعاية أسرتها، والتي قد تعاني كثيراً من الضغوط والهموم، تجنبي تعكر المزاج، وابتعدي عن الهم، وليكن التفاؤل مصدر قوتك. التقدم في العمر، كما نعرف جميعاً، حتمي، لكن لا تعجله أو تدفع به ليكون ماثلاً في حياتك قبل الأوان.
استشاري أمراض نساء وولادة
