وقفـة مـع الإعـلام

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

يشهد العالم انفلاتاً إعلامياً غير مسبوق لا يمكن لأي بلد أن ينأى بشعبه من تأثيره. الأمم الحية، مثل دولة الإمارات، هي جزء من هذا العالم، وتحتاج لأن يكون إعلامها مواكباً ومباشراً وحيوياً. وإذا كان الإعلام فيما سبق جزءاً من أدوات الدول في التأثير الداخلي والإقليمي والخارجي، فإن تغير طبيعة هذه الأدوات يحتاج إلى إعادة تقييم مستمر، وإلى تحديث ومواكبة.
 يُقدم الإعلام بوجهين. ثمة الإعلام الإيجابي، وهناك الإعلام السلبي. بداية لا أريد أن أشير إلى الإعلام السلبي بمعنى الحملات الإعلامية التي تحاول النيل من قضية معينة. تشخيصي لما أعتبره سلبياً، هو عدم القيام بالدور المطلوب. هذه سلبية تحتاج لأن تعالج كخلل، وليس كنقيصة.
 الإعلام الإيجابي له دور في بناء الوعي. لا ينحصر وعي المجتمع والأفراد فيما يدور من حولهم في بلدهم، بل في رصد وتحليل الأحداث في العالم وتقريبها للقارئ المهتم. ثمة مهمة أساسية تقوم على تعبئة الرأي العام وتوجيهه بالأخبار والمعلومات، مما يزيد من مدى ثقافة وتأهيل وإدراك الناس.
 على المستوى المحلي، يلعب الإعلام دوراً أساسياً في توضيح مجهود الحكومة وما تقدمه للمجتمع. فحينما يستفيد الفرد مما يقدم له في تلك الوسائل فإنه يصبح مواطناً صالحاً يحترم كلّ مَن حوله، وبالتالي يصلح حال المجتمع عبر ربطه بما تناقشه من قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية، ومن ثم يعمل على زيادة لُحمة والتفاف المجتمع بوطنه وقيادته.
 وفي حال غياب الإعلام وغياب نقله للصورة الحقيقية، وهو ما أصفه بالسلبية، فإننا نشاهد الكثير من أبناء المجتمع وهم يتجهون إلى التعبير عن آرائهم في قضايا مهمة عبر قنوات غير مناسبة. طرح هذه القضايا بشكل مرتجل، ومن دون تمحيص للمعطيات والحقائق، وهو ما يخلق نوعاً من البلبلة والقلق في المجتمع، فتكثر الإشاعات والأقاويل وتندثر الحقيقة بين القيل والقال.
 هنا يبرز التساؤل: أين الإعلام؟ وأين القنوات الرسمية والبرامج الهادفة؟ أين آليات تقييس الرأي العام لنقل الصورة بكل حقائقها، في الاتجاهين، أي من مصدر الخبر والمعلومة، وعبر رد الفعل الشعبي منها؟ أين دور الإعلام في توضيح مجهود ومبادرات قيادتنا؟ وأين المستفيدون من كل هذه الجهود؟ وما مدى تأثير هذه المبادرات على حياتهم؟ أليس هذا هو دور الإعلام؟
 إن الإعلام أمانة. ولا ينحصر دوره بنقل الأخبار للناس ليكونوا على علم بما يحدث من تطورات وقضايا إقليمية ودولية. ولا نأتي بجديد حين نؤكد على أهمية دور الإعلام في الحياة المعاصرة.
 دولتنا الفتية هي جزء من عالم واسع يحفل بالمتغيرات. ها نحن نرى تأثيرات الحرب في أوكرانيا على الجميع، وها نحن نتابع كيف تحاول كل دولة، سياسياً واقتصادياً وإعلامياً، أن تختار موقفها مما يجري بما ينأى بشعوبها عن تبعات الأزمات. هنا يأتي دور الإعلام كوسيلة موثوقة لتحليل وفهم ما يجري، بدلاً من أن يدلي من لا خبرة له فيما لا يدرك أهميته وعواقبه.
 إنه من الضروري العمل على تطوير الإعلام الإماراتي لتوعية المواطن بدوره الأساسي في بناء وطنه. لا شك أن الإعلام إذا استكمل مقوماته ووسائله الصحيحة، وأُحسن استخدامه وتوجيهه في مجتمع ما، كان قوة دافعة كبرى للبناء والتطور والنهوض بالمجتمع. وعلى الجانب الآخر، فإن الإعلام الذي يفشل في أداء دوره وتحقيق رسالته في المجتمع لا يقف أثره عند حد الفشل الذاتي، وإنما يتعدى ذلك إلى إحداث آثار سيئة في المجتمع.
 غاية القول، أن الإعلام سلاح ذو حدين. فإذا أُحسن استخدامه وتوجيهه كان ركيزة تطور يجد فيها أفراد المجتمع ينبوع المعارف ومصدر التوجيه والإرشاد والتوعية فيما يعنّ لهم من مشكلات. يجدون فيه العون على تربية أبنائهم وإسعاد أسرهم وتحقيق انتمائهم إلى مجتمعهم. وإذا ضاع في سلبيته، فإن الكثير من الفرص تضيع في خلق الوعي وإدراك ما تسعى إليه القيادة وتقدمه للمواطن، وهي تسهر على رفاهه وتقدمه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mrx6enta

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"