عادي
يصيب امرأة من كل 8 نساء

«سرطان الثدي» واقع مؤلم يمكن هزيمته

21:42 مساء
قراءة 5 دقائق

تحقيق: راندا جرجس

يُسجل سرطان الثدي، أرقاماً صادمة من حيث الانتشار ومعدل الإصابة بين السيدات، وتشير الإحصاءات إلى أن امرأة من كل 8 نساء حول العالم سيتعين عليها مواجهته في مرحلة ما من حياتها، ولا توجد حتى الآن أسباب مؤكدة تؤدي إلى نشأة هذا المرض، لكن تشير النظريات الطبية إلى بعض العوامل الوراثية والبيئية والهرمونية التي تزيد من فرص الإصابة، وعلى الرغم من أن خبر وجود أورام خبيثة يكون له واقع مؤلم على السيدة نظراً لارتباطه بالتشريح الأنثوي، فإن التطورات الحديثة في المجال الطبي ووسائل التشخيص المبكر، أدت إلى الكشف عن خيارات حديثة وفعالة للعلاج، وطرق جديدة لإدارة أفضل للآثار الجانبية، وفي السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون الضوء على هذا الموضوع تفصيلاً.

توضح د. إيمان الطوخي أخصائية أمراض النساء والتوليد، أن أكثر الفئات المستهدفة بأورام الثدي الخبيثة لدى السيدات من لديهن تاريخ عائلي بالإصابة من الأم، الأخت، الجدة، العمة، والخالة، وتختلف الأغراض من مريضة لأخرى، وتشترك بينهما العلامات التحذيرية مثل ظهور نتوء جديد في الثدي أو أسفل الإبط، انتفاخ جزء أو تغيير في شكل أو حجم الصدر، تهيج في الجلد، احمرار أو تقشر في الحلمة ووجود إفرازات بخلاف لبن الرضاعة الطبيعية أو دم، الشعور بآلام حول المنطقة المصابة.

وتضيف: هناك العديد من العوامل التي تزيد من معدل خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى بعض النساء، مثل: التقدم في العمر، الثدي الكثيف، بلوغ الحيض قبل عمر 12 سنة، وانقطاع الطمث في سن ال55، والمسنات اللاتي يعانين الزيادة المفرطة في الوزن، ومن لديهن تغيرات جينية موروثة.

خيارات علاجية

تشير د. تغريد المحميد استشارية الجراحة العامة إلى أن الإصابة بسرطان الثدي يمكن أن تؤدي إلى تعرض المريضة لمضاعفات خطِرة، خاصة في المراحل المتقدمة كانتشار المرض إلى باقي أعضاء الجسم كالدماغ، الكبد، الرئة، والعظام، ويعتمد علاج سرطان الثدي على نوع الورم السرطاني ومدى انتشاره، ويحدد الطبيب المعالج البروتوكول المناسب عند التشخيص، ومعرفة نوع الورم السرطاني ومدى انتشاره، وتشمل العلاجات الآتي:

- استئصال الأنسجة السرطانية من الثدي، وتختلف أنواع الجراحة بحسب الهدف من العملية، ومرحلة انتشار الورم، فربما تحتاج بعض الحالات إلى إزالة الثدي بالكامل، أو جزء من الأنسجة، أو إزالة العقد الليمفاوية المصابة القريبة من الثدي، والجراحات الترميمية التجميلية للثدي بعد الاستئصال.

-الأدوية الكيميائية التي تستخدم قبل الجراحة لتحجيم الورم وتقليل حجم الخلايا السرطانية أو القضاء عليها، وتتنوع بين الأقراص التي تؤخذ عن طريق الفم، أو الحقن الوريدي، أو بعد جراحة استئصال الثدي للحد من فرصة عودة المرض مرة أخرى، ويوجد أيضاً العلاج الإشعاعي عالية الطاقة لقتل الخلايا السرطانية، والعلاج المناعي الذي يعمل بالتزامن مع جهاز المناعة لمساعدة الجسم على مكافحة الخلايا الخبيثة.

تؤكد د.المحميد أن تطور المجال الطبي والأبحاث أسهمت في توفير علاجات فعالة لسرطان الثدي لكافة مراحل المرض، حيث أثبتت بعض الخيارات العلاجية فاعليتها مثل العلاج الهرموني الذي يعتمد على تحفيز جهاز المناعة للتعرف إلى الخلايا السرطانية وتدميرها، ويلعب دوراً مهماً في منع تغذية الخلايا السرطانية حتى لا تنمو وتنقسم، باستخدام أدوية أو غيرها من المواد لمنع الإشارات الكيميائية على مستوى الخلية، والوقاية من عودة ظهور السرطان بعد الجراحة مرة أخرى، وتقليل خطر انتشاره في الأنسجة الأخرى بالثدي، ويُعد هذا العلاج فعال ضد بعض الأورام التي تعتمد على اختلال هرمون الاستروجين والبروجيسترون، كما يعالج سرطان الثدي المتقدم، ومن الأجهزة المتطورة أيضاً جهاز الرادار العاكس الذي يحدد مكان نمو الورم السرطاني بدقة لاستئصاله وتقليل الحاجة إلى إجراء جراحة ثانية.

تلفت د.المحميد إلى أن الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي هو المفتاح الذهبي للشفاء، ويمكن أن تصل نسبة القضاء على المرض ل98% عند التشخيص في المراحل السريرية الأولى، حيث يكون صغير الحجم ولم ينتشر بعد، ويمكن التعافي تماماً، وتعتمد طرق الوقاية من عودة الإصابة على اتباع نمط حياة صحي، والحفاظ على ممارسة الأنشطة البدنية والرياضة، والوصول للوزن المثالي، وتجنب المشروبات الكحولية والتدخين بجميع أنواعه، وإجراء الفحوص الطبية بشكل دوري.

اختلال هرموني

يرتبط أسلوب الحياة والعادات السيئة المرتبطة باختلال التوازن الهرموني، مثل: الإجهاد، الإرهاق، التعرض البيئة الملوثة، التدخين والإفراط في تناول الأطعمة غير الصحية، وزيادة الوزن، بشكل وثيق مع زيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، بحسب د. بيلما بوتوروفيش استشارية أمراض الغدد الصماء والسكري.

وتضيف: إن هرموني الاستروجين والبروجسترون ضروريان للصحة الإنجابية الطبيعية لكل امرأة، لكن ربما يتسبب الإنتاج المفرط وارتفاع مستوياتهما، أو استخدام العلاجات الهرمونية البديلة للنساء في سن اليأس، باختلال التوازن الهرموني، والتسبب في تكون الكتل الخبيثة في جسم المرأة.

وتلفت د. بوتوروفيش إلى أن ارتفاع بعض الهرمونات الأخرى يُشكل زيادة معدل خطر الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء وفقاً للدلالات العلمية، كالتعرض للإجهاد الفسيولوجي والمرتبط بإفراز الكورتيزول، واختلال هرمون الغدة النخامية «البرولاكتين» الذي يزاد خلال فترة الحمل والرضاعة الطبيعية والذي يرتبط بظهور الأورام الخبيثة قبل أو بعد انقطاع الطمث،

تنصح د. بوتوروفيش بضرورة الالتزام ببعض السلوكيات الصحية التي تسهم في الوقاية من الإصابة بسرطان الثدي لدى النساء، وأهمها النظام الغذائي السليم الذي يحتوي على الكثير من الألياف والخضراوات والفواكه مع تقليل اللحوم الحمراء والأنواع المصنعة، وذلك وفقاً لأخصائيي التغذية في مركز أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إضافة إلى التحكم في الوزن، والحفاظ على التوازن الهرموني، خاصة لمن لديهن الاستعداد الوراثي للمرض، كما تفيد زيادة التمارين اليومية ووضع جدول للنوم بشكل منتظم في الحد من التوتر، والتحكم في مستويات الكورتيزول في الجسم.

الدعم النفسي

يوضح د. آرام حسن استشاري الطب النفسي، أن مرحلة اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي، تعد أكثر مراحل المرض حساسية وتحتاج فيها المريضة للدعم المعنوي، حيث إن الصحة الجسدية والمناعة ترتبطان ببعضهما بعضاً بشكل وثيق.

ويضيف: من الشائع ألاّ تتقبل السيدة المصابة المرض في البداية، وتشعر بالخوف من المجهول ويطلق على هذه الحالة «مرحلة الصدمة»، ويعتمد تخطيها لهذه الحالة وتقبل العلاج، على الدعم المعنوي والنفسي من الفرق الطبي المعالج، وتجدر الإشارة إلى أن مساندة الأهل والأصدقاء المحيطين بها تلعب دوراً إيجابياً في تجاوز هذه المراحل الصعبة.

استعادة التوازن

تساعد إعادة بناء الثدي على استعادة التوازن الجسدي والعاطفي للمريضات، ولذلك، فإن التنسيق مع جراح التجميل الترميمي بعد تشخيص الإصابة مباشرة، يمكن أن يؤثر في القرارات التي يتم اتخاذها ضمن خطة العلاج، للحصول على نتائج أفضل، وفقاً للدكتورة جوليا سفيزيرو، أخصائية الجراحة التجميلية.

وتوضح إن إجراء إعادة بناء الثدي يتم عادة في نفس وقت جراحة الاستئصال، أو لبعض الحالات في المستقبل بحسب بروتوكول العلاج المناسب للمريضة، وتتضمن الخطة الجراحية الترميمية إجراء موازنة لاستعادة التناسق في الثدي ولتحقيق مظهر كامل ومتوازن، ويمكن أن يستعين الطبيب بأنسجة خاصة من الجسم كالبطن، الظهر، الأرداف، والفخذين، أو يتم عن طريق عملية زرع الأنسجة أو مزيج من كليهما.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/544yh9uw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"