صوت وصورة

22:33 مساء
قراءة دقيقتين

عثمان حسن

لعل أكثر ما يسترعي انتباه زائر معرض الكتاب، هو رؤية تلك الأعداد الهائلة من الأطفال، وهم يتسللون بين أروقة وممرات وأجنحة إكسبو، بعضهم يفترش الأرض، وبعضهم يدخل ما بين رفوف الكتب، فيقرأون، ويحدقون في هيئات مدهشة وأعين متلهفة.

هذا المشهد اليومي، لا شك أنه يفتح نوافذ الأمل على مستقبل مشرق، يستند إلى المعرفة وتنمية والابتكار، والطفل لا يتوقف عند كتاب لا تجذبه تلك الصورة على غلافه، أو بين صفحاته، وهذا يضاف إلى رصيد الكتب الناجحة التي استطاع مصممو رسوماتها أو مؤلفوها أن يجتهدوا أكثر، وأن يتسللوا إلى مخيلات الأطفال وعقولهم.، فينجحون معهم في ابتكار كتب ناجحة ومفيدة شكلاً ومضموناً.

هذه واحدة من نجاحات التأليف التي باتت معظم دور النشر العربية والعالمية تتسابق للاهتمام بها، وهو نجاح يدين لمعارض الكتاب الكبرى، وبالتأكيد معرض الشارقة للكتاب، الذي بات «رقماً صعباً» في قائمة المعارض الكبرى في المنطقة.

تلك المشاهد من عالم الطفولة المقبلة على الحياة، تدلل على أن الطفل ينجذب بقوة أكبر إلى الصورة، وهي تداعب خياله، وتدفعه للاكتشاف، والاكتشاف أول عتبة في رصيد المعرفة، فالطفل يتحرك مع الصورة، ثم يبحث عن النص الذي يفسر الصورة، أو يقدم حركة موازية أخرى من داخل النص، وهي عملية معقدة، كعالم الطفولة النابض، والحيوي، والمركب، والمتناقض، والمدهش والمفاجئ في كل أحواله وتقلباته.

ومرة أخرى، فالطفل بوصفه سريع الاستجابة والتأثر، يظل على الدوام حاضر البديهة، ويتصرف بعفوية، مع مع تلك المشاهد البصرية التي تثري أروقة المعرض.

غني عن التعريف – وهذه واحدة من مشاهدات المعرض- أننا أمام حالات مختلفة من الذكاء التفاعلي، أمام طفولة تحب الاختلاط واللعب، وتحاول حل الألغاز، واكتساب المهارات الاستثنائية.

فثمة ذكاء ذاتي تفاعلي، وحركي، يتفاعل مع الرسومات، والقصص، والألعاب، ويتفاعل مع الموسيقى، وكل ما يمكن أن يستجيب لذلك التكوين المعقد في عالم الطفولة، ثمة ذكاء بصري لا يلتقطه بحرفية سوى الطفل، الذي ينبهر بحركة الأشياء التي تداعب خياله. نحن، في معرض الكتاب، أمام صور متلاحقة ثقافية وترفيهية، حيث يتسنى للأطفال قبل غيرهم أن يختاروا ما يشاؤون من عوالم الإضاءة والحركة والصوت.

نحن أمام «صناديق مقفلة» على وشك أن تفتح في عالم الطفولة، الملون، والمزركش، والمفاجئ.

نحن أمام معرض حافل، وطفولة مغامرة، وحواس يقظة، في رحلة الاكتشاف، والفهم والإدراك.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc5kte9w

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"