وطن الجميع

00:32 صباحا
قراءة دقيقتين

عثمان حسن
كلمة السر هي «الكتاب» في هذه البانوراما الرائعة التي احتشدت في معرض الشارقة الدولي للكتاب، ولأنه الكتاب «فهو وطن الجميع، حين تصبح الكتابة مكاناً لمن ليس له وطن ليعيش فيه»، كما قال الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني «ثيودور أدورنو».

في هذا المشهد الثقافي الكبير الذي يجسده المعرض، ليس سوى الكتاب من يفتح أسرار الدهشة على جواهر العالم ونفائسه من المخطوطات والموسوعات والروايات والملاحم والأساطير، وليس غيره من يضيء على فنون العالم وإبداعاته في الموسيقى، والمسرح، والتشكيل، والفلكلور، في فعاليات أدهشت الجميع، حيث عاش زوار معرض الشارقة من مثقفين وكتاب وقراء أياماً لا تنسى مع صناع الثقافة والإبداع في العالم كافة.

كلمة السر هي الكتاب، الكتاب في أول حرف، وأول كلمة، وأول عبارة، وفكرة، وأول معنى، وأول إشراقة تقلص الفارق بين الحقيقة والخيال.

والكتاب هو معلم، بلا عصا ولا غضب، وبلا خبز ولا ماء، كما تقول شاعرة العصر الفيكتوري «إليزابيث باريت براونينغ»، ولأنه كذلك فإن دنوت منه لا تجده نائماً وإن قصدته لا يختبئ منك، وإن أخطأت لا يوبخك، وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك.

حفل معرض الشارقة للكتاب، بكل ما يمكن أن يخطر على بال، ولعل من نافل القول تأكيد أنه أصبح تظاهرة ثقافية عالمية، بما بات يعكسه من توقعات ومصادر إلهام، تثري وتحفز، وتقدم جرعة باذخة من الأمل والحب والتواصل البشري الخلاق.

وثمة إشارة لافتة في معرض الكتاب، وهي أنه استطاع توحيد كافة الجهات الأهلية والرسمية على أرضه، ويوم أمس على سبيل المثال، انعقدت جلسة حوارية ناقشت ضرورات تحصين المجتمع من الظواهر السلبية، وركزت على دور الأسرة في عالم التطور التكنولوجي والثورة المعلوماتيّة، التي خلقت تحديات كبيرة أمام التفاعل الاجتماعي الواعي، وكرست لمبدأ الفردية من خلال عيش الفرد في عالم افتراضي منفصل عن عائلته.

كثيرة هي الفعاليات التي تسترعي انتباه جمهور معرض الشارقة للكتاب، هذا المعرض الذي يعلي من شأن الكتاب، الكتاب بسحره الغامض وخيلائه المدهش، الكتاب في تعاليه ومبالغته، وفي مهاراته ومكره وفي جمعه ما بين البساطة والسهولة والليونة التي «تسترق» حتى حدود المتعة والخيال.

ولأنه الكتاب، فهو لغة عالمية، تستحق أن تحتل حيزاً في المتاحف الوطنية، فهو بمثابة خزانة لأسرار العالم، وما دب في فضاء هذا العالم من ألغاز وتفاصيل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4m4ttka4

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"