لحظة للسلام بين موسكو وكييف

00:17 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

تدخل الحرب الروسية على أوكرانيا شهرها العاشر، هذا الأسبوع، ولا جديد في هذه الذكرى غير السعيدة سوى أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، وقف صباح الاثنين، 14 من هذا الشهر، ليقول: إننا نمضي قدماً.. نحن مستعدون للسلام.

وقف يقول هذه العبارة أمام الكاميرات، بعد أن كان يقولها من قبل على استحياء، ثم كان الجديد فيها أنه كان يقولها من فوق أرض منطقة خيرسون.

ومنطقة خيرسون، كما يعلم المتابعون لشأن الحرب منذ اشتعالها، كانت روسيا سارعت إلى ضمها للأراضي الروسية قبل أسابيع، وكان ذلك بعد استفتاء أجرته موسكو فيها وفي مناطق ثلاث معها، وجاءت نتيجة الاستفتاء تقول إن أبناءها يرغبون في الانضمام إلى روسيا.

وقد صدر قرار الضم بالفعل، من جانب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وصدّق عليه البرلمان الروسي (مجلس الدوما)، والتقط بوتين صورة جماعية مع حكام المناطق الأربع.

ولكن العالم استيقظ قبل أيام على نبأ لم يكن في البداية يصدقه، إلى أن تبيّن أنه نبأ صحيح. كان النبأ يقول إن الجيش الروسي أعلن انسحابه من خيرسون. ومن بعدها تحولت هذه المنطقة إلى عناوين على الشاشات في كل مكان، وبدا الأمر غير مفهوم، كما بدا غامضاً، وعصيّاً على الفهم والاستيعاب، لولا أن القيادة العسكرية الروسية أكدت الخبر، ومعه أعادت التأكيد على أن خيرسون روسية.

وقد تناثر كلام كثير حول أسباب الانسحاب، وكان من بين ما قيل مثلاً، أن الأوكرانيين دمروا كل الجسور المؤدية إلى المنطقة، وأن ذلك قد قطع خطوط الإمداد بالنسبة للقوات الروسية الموجودة داخلها، وأن القيادة رأت أن الحفاظ على حياة الجندي الروسي يتقدم على ما سواه من الأهداف.

وقيل كذلك أن ما جرى خدعة روسية من خدع الحرب المعتادة، وأن القوات الروسية المنسحبة سرعان ما سوف تعاود الانتشار.

وأياً كان التفسير الحقيقي لعملية الانسحاب المفاجئة، فإن على العالم أن يدفع في اتجاه ما أعلنه زيلينسكي، وأن تجد عبارته استجابة لدى المحبين للسلام في هذا العالم، وأن تجد العبارة صدى لدى المؤيدين لإنهاء هذه المأساة التي طالت بأكثر من اللازم، والتي عانت من تداعياتها شعوب الأرض أكثر مما عانت ربما من تداعيات فيروس كورونا نفسه.

ومما يحيي الآمال في أن تصادف عبارة الرئيس الأوكراني ترجمة عملية على الأرض، أن تسريبات موازية لإطلاق العبارة تقول إن لقاء غير معلن انعقد في تركيا بين رئيسي المخابرات الأمريكية والروسية، وأن الموضوع المطروح بينهما كان هو التوصل لاتفاقية سلام روسية أوكرانية.

وبالتوازي مع هذا كله، خرجت إشارات من موسكو تدل على أن الجانب الروسي لا يجد مانعاً من الجلوس على طاولة تتعامل مع هواجسه الأمنية التي أطلقت الحرب في الأصل، وتضع حداً للحرب، وتؤسس لسلام يدوم ويستمر بين الجانبين.

وإذا كانت اللحظة الحالية مناسبة لإطلاق عملية سلام تريح العالم من هذه الحرب، فلا بد أن الغرب الذي دعم ويدعم أوكرانيا مدعو إلى أن يقف مع ما يخدم هذه اللحظة، وليس مع ما يقف في طريقها، ثم إنه مدعو بالدرجة نفسها إلى أن يراعي وضعية الطرف الروسي، وأن يفتح أمامه باباً للخروج الآمن الذي لا يجرح حساسية اللحظة عنده، ولا ينال من وضعه بين العواصم.

وإذا كان سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، قال على هامش قمة العشرين في إندونيسيا، إن أوكرانيا تضع شروطاً تعجيزية للتفاوض، وإن الغرب يغريها بعدم الدخول في مفاوضات، فإن أمام الغرب الذي يقصده لافروف فرصة لإثبات العكس أمام العالم.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3f8scyj7

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"