عادي
«البيجامة داي» أغرب فعالية.. والرحلات والمشاريع بلا فائدة

مطالب مدارس خاصة.. «تقليعات» يسدد فاتورتها أولياء الأمور

00:03 صباحا
قراءة 6 دقائق

تحقيق: محمد إبراهيم

كثيرة هي مطالب بعض المدارس الخاصة التي تخرج عن الإطار التعليمي، إذ باتت تقليعات يدفع فاتورتها وتكاليفها أولياء الأمور، فمن بين رحلات غير ضرورية ومشاريع لا تفيد، وأنشطة يومية التي تخصص يوماً ل«البيجامة»، وآخر للون الأحمر، وثالثاً للأخضر، تخرج نداءات الآباء رافعة شعار «كفاية»، تعبيراً عن معاناتهم من رسوم تلك الأنشطة التي أرهقتهم وبددت طاقاتهم ماديا ومعنوياً ونفسياً.

في وقت عبّر عدد من أولياء الأمور عن استيائهم من طلبات بعض المدارس الخاصة التي لا تنتهي، فكل أسبوع تقليعة جديدة برسوم إضافية من دون فائدة، لاسيما وأنها تبتعد تماماً عن العملية التعليمية، فقد أصبحوا مطالبين برسوم تعليم أبنائهم، وبسداد رسوم تقليعات المدارس، مؤكدين عدم قدرتهم على تحمل هذه المصروفات مطالبين بتدخل الجهات المعنية لضبط إيقاع هذه الأنشطة والرقابة على رسومها.

عدد من المعلمين أوجدوا فوائد كبيرة لتنوع الأنشطة واستمراريتها أسبوعياً، إذ يعتبرونها أداة فاعلة لتنمية مهارات الطلبة الحياتية، لاسيما وأنها غير موجودة في مناهج الدراسة، ولكنهم لم يعلقوا على رسومها المبالغ فيها، وكثرتها التي أرهقت الوالدين وأبناءهم.

مديرو مدارس قالوا إنها وسيلة فاعلة لكسر الروتين الدراسي لدى المتعلمين في مختلف مراحل التعليم، إذ تسهم في تحقيق جانب المعايشة مع العلوم والظواهر التعليمية التي لا يراها الطلبة إلا في صفحات الكتاب المدرسي، ولكنهم رفضوا التعقيب على كيفية جدولة تلك الأنشطة ومدى تأثيرها سلبياً، في أولياء الأمور.

الجهات المعنية شددت على إدارات المدارس، بعدم المبالغة في تلك الأنشطة ومنعت مطالبة الطلبة بتنفيذ أي مشروعات خارج المدرسة على نفقة الوالدين، وتنفيذ الأنشطة الطلابية داخل المدرسة والغرف الصفية.

«الخليج» تناقش مع الميدان التربوي بمختلف فئاته، مدى جدية الأنشطة المدرسية وما يصاحبها من مطالبات مادية ترهق أولياء الأمور وتضيع أوقات المتعلمين، وأهميتها وانعكاساتها على الطلبة، وكيف تشكل أعباء متجددة على أولياء الأمور.

معاناة متجددة

البداية كانت مع عدد من أولياء الأمور «سماح معين، حمدان مهران، وسالم عبد الله، وسمية معطي، ميثاء آل علي»، إذ أكدوا أن كم الأنشطة الذي تفرضه المدارس الخاصة على الطلبة في مختلف مراحل التعليم، بات أمراً مبالغاً فيه، لاسيما وأن أولياء الأمور يدفعون ثمن تلك الأنشطة، فكل أسبوع فعالية مختلفة، وبرسوم مختلفة، تضم رحلات ومشاريع ومسابقات واحتفالات وأياماً نراها بجميع الألوان، وامتد الأمر إلى تخصيص يوم «للبيجامة»، مؤكدين عدم قدرتهم على مواصلة المسيرة تحت ضغوط تلك الفعاليات التي لا فائدة منها.

وقالوا إن المشاريع الطلابية تشكل أعباء كبيرة على أولياء الأمور، لان التكليف يأتي للطالب لينفذه ولي الأمر، ومعظم المشاريع مكلفة للغاية، وفي بعض الأحيان لا تتوفر مكوناتها وأدواتها الأمر التي يكلف ولي الأمر معاناة البحث وضياع الوقت بجانب المعاناة المالية.

وأوضحوا أن الأمر يجسد إشكالية كبيرة، إذ إن المتعلمين غير منتفعين بتلك الأنشطة والمطالبات التي ترهق الوالدين الذين يواجهون أعباء إضافية دائماً بجانب واجبات أبنائهم الأساسية، لذا ينبغي إعادة التفكير في تلك الأنشطة وفاعليتها وتأثيرها في الطلبة، ومن قبلهم أولياء الأمور الذين يعانون نزيف المصروفات غير المبررة كل أسبوع.

الأكثر تضرراً

وقالوا إن الأسر التي لديها أكثر من طالب في مختلف مراحل التعليم، تعد الأكثر تضرراً وعبئاً، بسبب تلك المطالبات التي أثقلت كاهلها، معنوياً ومادياً، فضلاً عن الوقت الذي يقتطعه الوالدان للجلوس مع الطالب، لمساعدته في إنجاز تلك الأنشطة.

وأشاروا إلى الكلفة المرتفعة لهذه الفعاليات وهم غير مجبرين عليها، معتبرين أنها تقليعات ابتكرتها المدارس للتربّح، لاسيما التي تتعلق بإعداد مشروع مجسم، حيث ترفع سقف نفقات الأسر على تعليم أبنائهم، لتشكل هذه الأنشطة أعباء متجددة تعانيها الأسرة. وأكدوا ضرورة تدخل الجهات المسؤولة لضمان التزام إدارات المدارس، بما تقدمه من فعاليات بمناسبة ومن دون مناسبة، فضلاً عن تخفيف العبء على أولياء الأمور، موضحين أن العملية التعليمية بمناهجها ومعلميها وأنشطتها ليس للأسر المقدرة على الالتزام بكل متطلباتها، مشيرين إلى أنه إذا كان الهدف من هذه النشطة تعليم الطلبة الاعتماد على أنفسهم وإكسابهم المهارات الحياتية، فإن إثقال كاهل الأهل بهذا الشكل، لن يمكّن الأبناء من تعلم المهارات الحياتية مدفوعة الأجر لعدم مقدرتهم المادية.

إثراء المعارف

في وقفة مع عدد من مديري المدارس والمعلمين «إيمان.ق، علي.أ، شوقي.ح، مي.ع، سامي.غ»، أكدوا أن تنوع الأنشطة في العلمية التعليمية أمر مهم لإثراء معارف ورؤية المتعلمين، إذ إن استماع الطالب لشرح الدروس والعلوم من المعلم من دون ممارسة عملية أو رؤيتها بشكل مباشر، يجعل تعليم الطالب منقوصاً ما يشكل عائقاً كبيراً في ترسيخ المعارف في أذهان الطلبة، وهنا تأتي أهمية ممارسة الأنشطة المرتبط بالمادة، لربط المواد العلمية بأنشطة عملية، وهذا بطبيعة الحال يزيد لدى المتعلمين مهارات حياتية متنوعة.

وفي ردهم على سؤال حول الأنشطة التي لا قيمة لها مثل «البيجامة داي» قالوا إن هذا ادعاء غير صحيح، إذ تعلم تلك الفعالية الطلبة الفرق بين الزي المدرسي وزي النوم، وهذه رسلة غير مباشر نستخدمها عند تعويد الطلبة على اتباع السلوكات الصحيحة في مكانها ووقتها الدقيق، أما ما يخص تسمية الأيام بالألوان في إطار فعاليات متنوعة، فقالوا إنها تشكل استراتيجية لتعليم الطلبة، إذ إن كل لون يمثل عادات وسلوكات مجتمعية معينة لم يتعلمها الطالب إلا بالمعايشة، وتتم داخل المدرسة، وتحفّظوا على الإجابة عن ارتفاع كلفة تلك الأنشطة، لاسيما وأنها تشكل أعباء متجددة على أولياء الأمور بجانب الرسوم الدراسية المرتفعة أساساً.

التعلم بالأنشطة

وفي ما يخص المشاريع الطلابية قالوا إنها تركز على بناء شخصية الطالب وتنمية مهاراته، ودعمه وتحفيزه، وتسهم في تدريب الطالب على كيفية البحث عن المعلومة ووسائل التعامل معها، ومن ثم إخراجها بجهود فردية أو جماعية، فضلاً عن إتقانه مهارات البحث والاستقصاء وجمع المعلومات.

وأكدوا أن المشاريع الشخصية للطالب، تسهم في تنمية الكفاءات وتربية المتعلمين على الاختيار وتحديد مشروع شخصي عبر تنمية القدرة على التحليل والتركيب والملاحظة والاستنتاج والتقويم والإشراك والتفاعل مع المحيط والبحث العلمي للحصول على المعلومات، فضلاً عن تنمية وتعزيز ثقة الطالب بنفسه وبقدرته على تحمّل المسؤولية، وإنجاز المهام الموكلة إليه، كما تسهم في زيادة المعارف العلمية والثقافية والفنية.

وأضافوا أن التعلم القائم على الأنشطة، يعد طريقة فاعلة لتحويل المنهاج إلى نواتج تعليمية مفيدة، إذ يتم تقديم أنشطة وأمثلة حقيقية واقعية ليتفاعل معها المتعلم، حيث يتسنى للطالب أن يصل إلى محتويات واقعية، وطرح أفكاره وتبادلها مع أفكار الآخرين، ليصبح بعد الانتهاء من المشروع أكثر فهماً وإدراكا للمحتوى، الذي يبقى محفوظاً في ذاكرة الطلبة بعلومه ومعارفه، لفترات أطول مقارنة بطرق التعليم التقليدية، موضحين أن الطلبة الذين يكتسبون علومهم ومعارفهم عن طريق التطبيق والممارسة، يعدّون الأفضل من حيث المستوى العلمي والمعرفي في مختلف مراحل تعليمهم.

مصادر التعلم

من جانبه، يرى الخبير التربوي البروفيسور عبد الخالق محمد ضرورة توظيف مصادر التعلم المطورة في جميع مناحي العملية التعليمية، بحيث لا يقتصر الأمر على الأنشطة المتكررة أسبوعياً والتي تشكل عبأ على أولياء الأمور والطلبة، مشيراً إلى ضرورة تنفيذ المشروعات الطلابية في المدرسة، وتحت إشراف المعلم لمعالجة نقاط الضعف في كل طالب وتوظيف مصادر القوة والمهارات التي يتمتع بها المتعلمون وتختلف من طالب لآخر.

وفي وقفته مع التكاليف التي يتكبدها أولياء الأمور بسبب الأنشطة المتنوعة التي تفرضها المدارس على الطلبة، لاسيما الأسر التي لديها أكثر من طالب في مختلف مراحل التعليم، أفاد بأن الكلفة أو رسوم تلك الأنشطة أمر مكفول للجهات المعنية، التي يجب اعتماد الأنشطة وقياس مدى أهميتها للطلبة وسبل الانتفاع منها، فضلاً عن تحديد قيمة الرسوم بحيث تناسب كل المستويات الطلابية، مادياً ومعنوياً.

واكد أن التعليم في الوقت الراهن اتخذ أشكالاً عدة ومسارات متنوعة تدمج الجانبين النظري والتطبيقي، وهذا يتطلب من جميع عناصر العملية التعليمية فهم وإدراك المستجدات الراهنة وأهداف التعليم في بناء القدرات والمهارات، إذ يتطلب ذلك أموراً لم تكن موجودة من قبل، مشيراً إلى ضرورة تجنب التطبيق العشوائي الذي يبدد أوجه الاستفادة من تلك الأنشطة، وتضيع معه الأهداف التعليمية والتنموية، ويجعلها مجرد وسيلة للتربح وجمع الأموال من الطلبة فقط.

الجهات القائمة على التعليم الخاص في مختلف إمارات الدولة، منعت الإفراط في الأنشطة غير الصفية والرحلات والمسابقات التي تؤثر سلباً في وقت الطلبة، وترهق ميزانيات أولياء الأمور، وحظرت تنفيذ الأنشطة والمشاريع الطلابية خارج أسوار المدرسة، لتكون المدرسة بيئة فاعلة للإبداع والابتكار التي تحقق الشغف في نفوس وعقول الطلبة، فضلاً عن منع مطالبة أولياء الأمور بسداد قيمة المحتويات لمشاريع أبنائهم في المدارس، أو الزامهم بسداد أية تكاليف خاصة بتلك الأنشطة.

إشكالية كبيرة

أفاد عدد من أولياء الأمور بأن الأنشطة التي تفرضها المدارس على الطلبة أسبوعياً، قد تكلف الطالب الواحد أكثر من 1000 درهم في الفعالية الواحدة، الأمر الذي يجسد إشكالية حقيقية وأعباء متجددة على الطلبة والوالدين، نظراً لتنوع متطلبات كل فعالية وغلاء أسعار محتوياتها، فضلاً عن اضطرار ولي الأمر لشرائها رضوخاً لطلبات المدرسة وإلحاح ابنه.

وأظهرت عملية رصد «الخليج» أن هناك تفاوتاً بين المدارس في التعاطي مع ملف الأنشطة والرحلات والمسابقات والمطالبات الأسبوعية للطلبة، إذ أكد عدد من مديري المدارس، أهمية الأنشطة لتنمية المهارات الحياتية لدى المتعلمين، وكسر جمود وروتين العملية التعليمية، فضلاً عن منح الطالب فرصة المعايشة وإدراك ما يدرسه في الكتب والمناهج على أرض الواقع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5a8m9mbe

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"