الشعب الذي قال على «تويتر»

00:19 صباحا
قراءة 3 دقائق

سليمان جودة

غرّد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، على حسابه الخاص على منصة «تويتر»، وبشّر المتابعين بأن حساب دونالد ترامب على المنصة سيعود.. وفي تغريدته قال الآتي نصاً: «الشعب قال كلمته.. ترامب سيعود».

والعبارة التي غرد بها تدل على أنه يتعامل مع المنصة وكأنها جمهورية، ثم كأن المتابعين عليها شعب في هذه الجمهورية التي هو رئيسها بالتالي.

والقصة أنه أطلق استفتاء على المنصة، وسأل المتابعين عليها عما إذا كانوا يقبلون بعودة ترامب من جديد، أم أنهم لا يوافقون على عودته ويفضلون بقاءه خارجها؟

وحين أعلن هو نتيجة الاستفتاء، قال إن عدد الذين شاركوا فيه وصل إلى 15 مليوناً، وأن 51 ٪‏ منهم قالوا نعم لعودة ترامب، وأنه.. أي ماسك.. قد أعاد الحساب بالفعل، وأن الرئيس السابق يستطيع منذ الإعلان عن نتيجة الاستفتاء في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني أن يعود ليغرد مرة أخرى، ويستطيع أن يخاطب جمهوره من فوق تويتر كما خاطبهم في مرحلة ما قبل الثامن من يناير 2021.

ففي ذلك اليوم كانت إدارة تويتر قد حجبت حساب ترامب على المنصة، وكانت الإدارة التي حجبت الحساب هي الإدارة السابقة، لا إدارة ماسك الذي اشترى تويتر في مقابل 44 مليار دولار قبل أسابيع، والذي قال يوم إتمام الصفقة إنه اشترى المنصة لإسعاد البشر، وليس بحثاً عن ربح من جانبه، وأن «العصفور قد تحرر» منذ أن أتم هو عملية الشراء.

وهو يقصد بالعصفور ذلك الطائر الذي تتخذه المنصة رمزاً لها، والذي يظهر في شكل عصفور يطير ويحلق بجناحيه في الفضاء. أما ما يقصده بأن العصفور قد تحرر فليس واضحاً إلى الآن، وليس معروفاً ماذا بالضبط يريد أن يقول بعبارته.

ولكن الذي نعرفه في المقابل، أن حجب حساب ترامب في السنة قبل الماضية، لم يكن قراراً من فراغ، ولم يكن موقفاً من تويتر ضده شخصاً، لكن الحجب سببه أنه حرض أنصاره على اقتحام مبنى الكونغرس، وقد اقتحمه بعضهم بالفعل، وبدا مشهد الاقتحام في السادس من يناير/كانون الثاني، أي قبل الحجب بيومين اثنين، مشهداً غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة على امتداده.

ولم يكن أحد وقتها ولا الآن مع قرار الحجب، ولا كان أحد في الوقت نفسه مع عملية الاقتحام التي كانت نشازاً في حاضر الولايات المتحدة، بمثل ما كانت ولا تزال سابقة لا مثيل لها في التاريخ الأمريكي من أوله إلى آخره.. ولذلك كان حجب الحساب «رسالة» من إدارة تويتر، وكان مفادها أن هذه منصة للتعبير المنضبط عن الرأي، لا منصة للتحريض، ولا لبث العنف أو الكراهية بين الناس.

ومن أجل هذا تظل هناك نقطتان للنظام في موضوع الاستفتاء، وفي نتيجته على السواء، لأننا أمام منصة منتشرة، وما يقال عليها يؤثر في المتابعين في امتداد العالم.

النقطة الأولى هي عما إذا كان العدد الذي شارك في الاستفتاء يمثل غالبية المتابعين أم لا ؟.. إن 15 مليوناً عدد لا يكاد يُذكر بالمقارنة مع الرقم الإجمالي للمتابعين على تويتر، وبالتالي، فليس من الممكن القول إن عبارة «الشعب قال كلمته» تعبير دقيق عن الحقيقة.

والنقطة الثانية أن ترامب لم يذكر شيئاً نفهم منه أنه لن يعود إلى التحريض مرةً ثانية من فوق تويتر، وإلا، فما الحل إذا كان سيعود إليها، ثم يستأنف تحريضه القديم من جديد؟

إذا حدث هذا في المستقبل، وهو في الغالب سيحدث إذا مضت الأمور بالنسبة لترامب في سياقها الحالي، فسوف تكون المنصة للتكدير على البشر، لا لإسعادهم، كما ذكر إيلون ماسك في تغريدته يوم أتم شراء تويتر.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yc4bf4xe

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"