صحافة رياضة رشيقة وذكية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

خضعت كرة القدم في الثلاثينات والأربعينات أو قل في النصف الأول من القرن العشرين لسلطة الإيديولوجيات المرعبة التي فرضت عبودية فكرية على كل شيء.. بدءاً من الإنسان، وحتى الحيوان، ثم الكرة، وتلك كانت هي أسوأ ثقافات سياسية أرغمت البشرية على إنتاج عنصريات جديدة أسوأ من عنصرية اللون والجنس والهوية.. وكانت تلك الوصمات السوداء في التاريخ تتمثل في الماركسية، والفاشية والنّازية التي أنتجت في ما بعد ثقافة سوداء أيضاً، ولكنها ثقافة نائمة إن جاز التعبير نجد تمثّلاتها اليوم بعد غياب تلك الإيديولوجيات في أنظمة ذات هويات مذهبية وطائفية متطرّفة، لا تختلف كثيراً عن عبوديات إيديولوجيات النصف الأول من القرن العشرين، وها هي تهدّد لاعبي كرة القدم، وتستغلّهم، وتتوعدهم بالموت كما فعل موسوليني.
يقول إدواردو غاليانو في كتابه «كرة القدم بين الشمس والظل» حول مباراة إيطاليا وهنغاريا في مونديال عام 1934: «..كان الفوز بالنسبة إلى موسوليني مسألة من مسائل الدولة، ففي اليوم السابق للمباراة تلقّى اللاعبون الإيطاليون برقية من روما مؤلفة من ثلاث كلمات: «الفوز أو الموت»، ولم تكن هناك حاجة للموت كما يقول غاليانو؛ لأن إيطاليا كسبت 2/4، وفي اليوم التالي ارتدى الفائزون الزيّ العسكري في المراسم الاحتفالية التي جرت في روما. لكن الأسوأ أيضاً أن الصحافة الإيطالية كانت هي الأخرى وجهاً آخر من وجوه موسوليني، ويقول غاليانو أن صحيفة «لاغازيتا دلو سبورت» الإيطالية امتدحت ما سمّته «تفوّق الرياضة الفاشية في هذا الفوز العرقي».
هل يوجد في العالم وفي التاريخ رياضة فاشية؟؟.. أو رياضة رأسمالية؟، وأخرى اشتراكية؟؟، بالطبع، لا يمكن أن توجد مثل هذه التوصيفات العنصرية إلّا في رؤوس أشخاص مؤدلجين إمّا دينياً أو سياسياً أو فكرياً، بحيث تتحول كرة القدم إلى وصمة.
ولكن، دعنا نبتعد عن مثل هذه الأوبئة التي تلوّث كرة القدم، وبخاصة في الصحافة أو في بعضها، واقرأ هنا مثلاً ذكاء ذلك الصحفي الفرنسي الذي غطّى مونديال 1938 وهو يتحدث عن لاعب يدعى: «ليونيداس»، يقول غاليانو، إن الصحفي ذاك كتب يصف «ليونيداس»: «.. كان له حجم وسرعة وخبث ناموسية له ست أرجل..» وسوف تتابع الصحافة الرياضية حياة هذا اللاعب في ما بعد، وتذكر أن اسمه «ليونيداس» تحوّل إلى ماركة لصنف من السجائر ولنوع من الشيكولاته.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/vrdeh7k3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"