صندوق الخسائر والأضرار في «كوب أبوظبي»

21:39 مساء
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

إنجاز مهم حققته مجموعة البلدان النامية في مؤتمر الأطراف في نسخته السابعة والعشرين، والذي استضافته مدينة شرم الشيخ المصرية خلال الفترة من 8 إلى 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، بانتزاع قرار ينص على إنشاء صندوق للخسائر والأضرار التي تتعرض لها الدول النامية جراء التغيرات المناخية المتطرفة. وكانت هذه الدول قد نجحت في مؤتمر الأطراف التاسع عشر الذي عقد في وارسو عام 2013، في دفع المؤتمر للموافقة على إنشاء «آلية وارسو الدولية للخسائر والأضرار». وطوال السنوات التسع الماضية، قاومت مجموعة الاتحاد الأوروبي التفاوضية بالتضامن مع أمريكا، كل محاولات الدول النامية التي بذلتها في جميع الاجتماعات التحضيرية ومؤتمرات الأطراف السنوية التالية، من أجل تجسيد فكرة القرار.

الصندوق يُفترض إنشاؤه هذا العام، بحسب الاتفاق. لكننا نشك في ذلك، لأن الوقت المتبقي من العام لا يسمح بتحقيق مثل هذا الاختراق الذي دونه تفاصيل فنية وإدارية، ناهيك عن القضية الأهم وهي القضية المالية. لكن الأكيد أن الصندوق سوف يرى النور في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين الذي ستستضيفه عاصمة دولة الإمارات أبوظبي خلال الفترة (مبدئياً) من 6 إلى 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2022. وسيكون أهم إنجازات «كوب 28».

الاتحاد الأوروبي هو العقبة الوحيدة تقريباً التي تقف حجر عثرة أمام إتمام إجراءات إنشاء الصندوق. فهو وافق مبدئياً، وعلى مضض، على فكرة إنشاء الصندوق. لكنه وضع شروطاً يمكن اعتبارها تعجيزية، أبرزها إلزام الصين والدول الأخرى ذات القدرة المالية بالمساهمة في تمويل ميزانية الصندوق؛ وحصر المنح المالية للصندوق، في الدول الأكثر فقراً فقط، ما يعني وضع تصنيف للدول النامية المستحقة لتلقي معونة الصندوق، وبالتالي الدخول في متاهة المعايير التي يجب أن تعتمد؛ وكذلك اشتراط تلقي معونة الصندوق بتقديم ما يثبت قيام الدول المتلقية بخفض انبعاثاتها بصورة حادة، إضافة إلى التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري، بما في ذلك الغاز الطبيعي والنفط. وهذا هو العرض النهائي للاتحاد الأوروبي، كما قال مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون المناخ فرانس تيمرمانز. هذا وإلا فإنه لن تقدم أي أموال لتعويض الخسائر والأضرار ما لم يتم تخفيض الانبعاثات بشكل حاد، كما هددت بذلك صراحةً وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بربوك، رغم اعترافها بأن الدول الصناعية «مسؤولة بشكل رئيسي عن الاحتباس الحراري العالمي، وأنها لذلك يجب أن تدفع، كأولوية، ثمن الخسائر والأضرار المناخية الناتجة عن ارتفاع مستويات سطح البحر والأعاصير والفيضانات المدمرة الناتجة عن التركيز التاريخي للانبعاثات.

فيما يتعلق بمصادر تمويل الصندوق، فالغالب، بحسب خلاصة المساومات، أن يأتي التمويل من الحكومات ومن الشركات الخاصة، إضافة إلى تخفيف ديون بعض البلدان النامية الأكثر عرضة لكوارث المناخ. ويروج الأوروبيون ومن خلفهم الديمقراطيون الأمريكيون، من خلال أذرعهم الإعلامية والمنظمات غير الحكومية، لإمكانية استحصال ضرائب من استهلاك النفط والغاز. وهذا سيصعب ويعقد الموضوع، ويطيل أمد التوصل إلى اتفاق بشأن هذه التفاصيل المهمة المتعلقة بإنشاء الصندوق، والذي لا يُتوَقع بأي حال أن يغطي الخسائر والأضرار الكارثية لتغير المناخ.

لذلك، فإنه في حال تمسكت أوروبا بموقفها السلبي من إنشاء مرفق التمويل الجديد المخصص لجبر الأضرار والخسائر المناخية، قد لا يكون أمام مجموعة ال 77+الصين (مجموعة الدول النامية)، من خيار لتفعيل قرار كوب-27 بهذا الشأن، سوى مبادرتها من تلقاء أنفسها لتشكيل كتلة متعاونة لتدبير الرأسمال الأساسي للصندوق، وترك أوروبا في صومعة رفضها، حين تصبح معوقاً أمام تجسيد القرار.

*كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2jza4rpb

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"