حرب طويلة جداً

00:14 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

من الواضح أن الحرب الأوكرانية التي تكاد تدخل شهرها العاشر، سوف تطول كثيراً، فلا روسيا في وارد وقف الحرب قبل أن تحقق أهدافها، ولا أوكرانيا مستعدة لوقفها، قبل أن تنسحب القوات الروسية من المناطق التي احتلتها، ولا الدول الغربية، وخصوصاً الولايات المتحدة، في وارد وقف دعمها العسكري والمالي لحكومة فلوديمير زيلينسكي الذي تجد فيها الاستثمار الأفضل لإرهاق روسيا وإذلال جيشها، وبالتالي منعها من مواصلة السعي إلى المشاركة في نظام دولي، لم تعد واشنطن قادرة لوحدها على القيام بمتطلباته، وبالتالي إحباط مساعيها لتشكيل نظام أمني أوروبي جديد يحول دون توسع حلف الأطلسي باتجاه حدودها.
 المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، وضع حداً لما أشيع مؤخراً عن اتصالات أوروبية مع الرئيس الأوكراني بشأن وقف الحرب، أو هدنة مع اقتراب نهاية العام بقوله: «لم يتم تقديم اقتراح بهذا الشأن من أي طرف..وهو ليس على جدول الأعمال»، في حين قال البيت الأبيض إنه «لا توجد مؤشرات على أن الحرب ستنتهي بحلول نهاية الشهر الجاري»، في حين يؤكد خبراء عسكريون أمريكيون أن الحرب ستستمر إلى الربيع، وربما إلى ما بعد ذلك.
 تستمر الحرب في حصد المزيد من الخسائر البشرية والدمار الهائل في البنى التحتية الذي تقدر كلفته بالمليارات، فيما يدرك الجميع أنه لا منتصر في الحرب ولا خاسر من السلام، لكن هي الحرب التي تم الإعداد والتخطيط لها جيداً، ليس لحظة اندلاع شراراتها في فبراير/شباط الماضي، إنما قبل سنوات عديدة في إطار استراتيجية إنهاك روسيا وإضعافها لوضعها في موقف تتوقف فيه عن سعيها إلى تعديل مسار توسع حلف الأطلسي، واستمرار حصارها شرقاً، وهو ما بدا واضحاً من زخم الدعم الغربي لأوكرانيا منذ عام 2014 بعد أزمة جزيرة القرم، حيث باشرت الدول الغربية فرض سلسلة متواصلة من العقوبات الاقتصادية والمالية ضد المؤسسات والأشخاص، وصولاً إلى الفنون والثقافة، ثم التدرج صعوداً بفرض المزيد من العقوبات بعد الحرب، إضافة إلى دعم عسكري غير مسبوق بمختلف أنواع الأسلحة المتطورة الموجودة في الترسانات العسكرية الغربية.
 ولكي تستمر الحرب، فإن الدول الغربية مارست ضغوطاً على الرئيس الأوكراني لمنعه من الدخول في المفاوضات مع روسيا، للتوصل إلى تسوية سياسية، بعد أن كانت المفاوضات التي تجري برعاية تركية تحقق تقدماً.
 قرار مواصلة الحرب يمكن استشرافه من تصرف الدول الأوروبية التي تصّر على مواصلة دعم أوكرانيا، رغم معاناتها الاقتصادية والاجتماعية  وتداعيات ذلك على الأوضاع الأمنية  حيث ترتفع معدلات التضخم ومعها أسعار المواد الغذائية، ناهيك عن النفط والغاز، وما يشكله ذلك من عبء على المواطن الأوروبي. في حين أن الأصوات الأوروبية العاقلة التي تدعو إلى وقف الدعم، وإطلاق مبادرات لبدء المفاوضات، لا تلقى آذاناً صاغية.
 الحرب تطحن أوكرانيا وأوروبا تدفع الثمن.. وتستمر الحرب.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ypxyy23s

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"