كتب قرأها الآخرون

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

أتابع باهتمام ما يقوله بعض الكتّاب العرب عن الكتب التي قرأوها خلال العام وكانت مؤثرة في تكوينهم الثقافي التذوّقي من حيث جماليات القراءة، وفي المدى القرائي الأوسع يلاحظ المتابع أن الغالبية من الكتّاب تذهب إلى قراءة الرواية والشعر، والبعض يتجه إلى قراءة الفلسفة، وقلّما يقرأ الكتّاب العرب كتب العلوم والفضاء والفلك والهندسة، أو الطب والمعمار، في حين تقرأ فئة محدّدة كتب التاريخ والجغرافيا، وغابت هذا العام عن الكتّاب المصريين واللبنانيين القراءات السياسية والفكرية أو نقد الأدب، لكن الجميل في مثل هذه المتابعة أن الكاتب القارئ يدلّنا إلى كتب بعينها فنروح نحن القرّاء نبحث عنها ونقرأها لنعرف، أحياناً، ومن باب الفضول ماذا يقرأ الآخرون، أو، ماذا يقرأ النجوم من الكتاب العرب، وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد رحت شخصياً أبحث عن ثلاثة كتب منها: «الخروج إلى النهار» قرأه الشاعر المصري أحمد الشهاوي، لأعرف، مثلاً، أن مترجم الكتاب «شريف الصيفي» عمل على تغيير عنوان الكتاب من «الخروج إلى النهار» إلى «الخروج للنهار» وذلك في الطبعة الجديدة التي لم يقرأها الصديق الشاعر الشهاوي، والكتاب هو رثائيات من التراث الجنائزي لمصر القديمة، غير أن المترجم الصيفي ينبّهنا إلى الفرق في ترجمة العنوان بقوله: «.. قررت تغيير حرف الجر في الترجمة العربية ليتغير المعنى من كونه خروجاً في نهار يوم الدفن إلى الخروج للنهار، - حيث الميلاد من جديد، وبذلك يتطابق العنوان أكثر مع مضمون النص..».
ومن خلال ما يقرأه الآخرون تعرّفت للمرة الأولى على شعر المتصوّف الشاعر التركي يونس أمره، وهي أوّل مرة أقرأ له هذا النص: «.. استمعوا لي يا أصدقائي الأعزّاء../.. الحب يشبه الشمس../.. القلب الذي لا يشعر بالحب../.. ليس سوى حجر..»، ودلّني قارئ آخر على كتاب «نسوان من لبنان»، ولكن كان من الصعب تحميل هذا الكتاب الذي صدرت الطبعة الأولى منه في العام 1966 لمؤلفه: إسكندر رياشي. البعض لأسباب مختلفة لا يقرأ الكتب الورقية، ويلجأ إلى ما يُسمى «الكتاب الصوتي» أو «الكتاب المسموع»، ولكن مثل هذه القراءة تظل سمعية آلية، فالآلة تقرأ لك على نحو أوتوماتيكي بارد. لا روح للقراءة ولا إيقاع نفسي داخلي ينسجم مع الطبيعة الأدبية للمادة المقروءة.
في حالة «الكتاب الصوتي» أو «الكتاب المسموع» تنعدم صفة القراءة أو صفة القارئ، فما أنت في هذه الحالة سوى مستمع، وقد يكون من المجدي والمفيد حقاً أن تسمع قراءة لكتاب وأنت تقود سيارة أو وأنت مستلق في وضع صحيّ يفرض عليك صعوبة مسك كتاب، وفي كل الحالات أنت لم تفارق جليسك سواء بالصوت المسموع أو بالورق المقروء، ويا له من جليس بل خير جليس. لا ثرثرة. لا نمامة. لا قال ولا قيل. فقط الحياة في ذروة نقائها، والوجود في ذروة صفائه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mp2a6c9d

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"