عادي
في رائعته الشعرية «ودقْ وبرَدْ»

محمد بن راشد: بوخالد.. خير لا ينقطع

00:02 صباحا
قراءة 4 دقائق
1

دبي: «الخليج»
«ودقْ وبرَدْ».. هي بحق رائعة شعرية جديدة من روائع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي عود القارىء العربي دائماً وأبداً على أحسن القول، في قصائده الكثيرة التي تحمل أجمل وألطف المعاني والعبر.
والقصيدة الجديدة لصاحب السمو نائب رئيس الدولة، هي قصيدة مستلهمة من أمطار الخير التي جادت بها السماء على إمارات الخير، لتكون اسماً على مسمى، وهي كما يوضح سموه في بداية القصيدة بدأت فكرتها من تلك النفة، والنفة في معاجم اللغة العربية هي النقطة الصغيرة أو القطرة التي يتنشقها الإنسان المصاب بالضيق وتكدر المزاج، فلا يلبث أن يرتاح ويستسلم للهدوء والسكينة.
وتطرق سموه إلى خصال وشمائل أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وشبهه بالمطر في الجود والكرم.
هي إذاً قطرة مطر، لكنها ليست قطرة عابرة في مخيال الشاعر، فقد أشعلت سحائب الفكر عند سموه، وها هو في عز تجلياته يمطر قصيدته بعمق الفكرة ورشاقة الصورة والكلمة السابحة في ملكوت الخيال، فيزداد سموه تألقاً بالشعر، شأنه شأن الشعراء العرب الأوائل، الذين كانت لهم في مناسبات المطر قصائد خلدها التاريخ، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في قصيدته «ودقْ وبرَدْ» ليس استثناء، فهو شاعر كبير لطالما حرك الفكرة من كمونها، ولطالما استنطق الحرف ليتناسل كلمات وكلمات بهية وجميلة.
يقول سموه:
الفكرَهْ تبدا مثِلْ نفِّهْ إنزلتْ في مطَرْ
وسحايبْ الفكرْ مجراها كمجرىَ السَّحابْ
ذكرني اليومْ هذا الجوْ وقتٍ عبَرْ
أشريهْ بالعمرْ لو ينباعْ وإلاَّ يجابْ
في ما سبق من أبيات شعرية، يسرح الخيال عند الشاعر، فيعيش تجليات تلك الذكريات البعيدة والعابرة المصاحبة للمطر، ولأن الذكريات لا تباع ولا تشترى، فها هو سموه وهو يستجيب لإلحاح الفكرة يتمنى لو كان بوده شراء تلك الذكريات، ولكنها مع ذلك ذكرته بما هو أجمل، حيث يتابع سموه قصيدته فنلمس ما لديه من تواضع وزهد وحب للخير، شأنه شأن أولئك القادة الذين يتعطرون بالبساطة، وتظل ذكرياتهم جالبة للخير، كما تظل محرضة على العطاء، هذا العطاء الذي يتلمسه في أحبابه ومريديه، ويتلمسه أكثر في من تعايش معهم وخبرهم، وخاصة أخاه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم:
ياغيمْ هوِّنْ علىَ قلبٍ يحسْ الإثَرْ
وإنتهْ عطاياكْ تشبِهْ عاليينْ الجنابْ
ذكرتْ محمد ترىَ يمناهْ مثلِكْ بحَرْ
ويزيدْ معطاهْ عنْ معطاكْ مليونْ بابْ
هو الغيم جالب المطر، وهي السحائب التي لامست الوجدان، فيتمنى سموه لو تهادت قليلاً، وهي تسري في وجدانه مسرى الفكرة الطازجة، وهي تتهادى مثل الندى، فيستذكر من خلالها تلك العطايا التي تجود بها أيادي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فها هي السحائب تحيل سموه إلى سحائب وخيرات تلك اليد الحانية، هي يد رئيس الدولة حفظه الله، فيا لجمال الصورة، ويا لجمال التشبيه (المطر ورئيس الدولة) هما صنوان في الجود والعطايا، بل إن سموه شأن الشعراء الكبار يستخدم هنا صيغة مبالغة مستحبة، حين يقول إن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان يتفوق على البحر في خيراته وعطاياه.
وسموه، وهو يقارن بين البحر والمطر وبين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لم يخرج عن عرف القصيدة العربية التي لطالما تغنت بالجود، ولطالما استخدمت المطر في قصائد المديح، فوصفت فيه الممدوح واستذكرت صفاته، فذهب الكرم نظير المطر وذهب الطيب نظير الغمام وغيرها من الألفاظ والعبارات الشعرية الدالة على أهمية المطر، ولكنها أيضاً تدلل على أهمية الممدوح وارتفاع شأنه بين صحبه وسمو منزلته عند قومه.
يتابع نائب رئيس الدولة قصيدته فيقول:
ومنْ شافْ بوخالد ترىَ حظَّهْ بمحمد كبَرْ
وأمطارْ كفِّينْ محمد ماتمَلْ إنسكابْ
يافكرةٍ في ضميري كلما ينتثِرْ
ودقْ وبرَدْ تبتدي بي رحلةْ الإغترابْ
في الأبيات السابقة، يقدم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد صورة أخرى في حق أخيه «بوخالد» حين يستخدم كلمة «شاف» وشاف هنا، من معانيها القرب والمعرفة ومن معانيها التجربة، فمن خبر صاحب السمو رئيس الدولة لا شك أنه قد كبر في مقامه، وازداد في حظوظه، فأمطار أيادي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، لا تمل من الانسكاب، كناية عن الخير والكرم.
ويختم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قصيدته بأبيات معبرة فيقول:
ودامكْ تفكِّرْ فإنتهْ الفَذْ بينْ البشَرْ
وأنا بشَرْ غيرْ أنِّي في الحقيقَهْ كتابْ.
وفي هذه الخاتمة الجميلة، ها هو يؤكد على أهمية التفكير وأهمية إعمال العقل، وقديماً كان الشاعر العربي مفكراً وصاحب فراسة وحكمة، وكم كان لقوله شأن بين أقرانه ومن يبادلونه الرأي والمشورة، فصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وقد لامس في قصيدته جمال الأفكار والمعاني والصور، هو كتاب ملىيء بالأسرار، ورجاحة القول وسداد الفكرة الدالة والمعبرة.

1
الصورة
1

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4fw49cjw

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"