هدر القيم

00:07 صباحا
قراءة دقيقتين

بالتصفيق الإلكتروني الذي يأخذ شكل تسجيل إعجاب بالمحتوى وأعداد مشاهدة مرتفعة، عند مشاهدة مقاطع يعتقد البعض بأنها تدعو إلى الضحك، نجد أنفسنا نسهم بطريقة غير مباشرة في هدر القيم الاجتماعية، وأيضاً نشجع صانعي هذه النوعية من المحتويات الهابطة أخلاقياً على الاستمرارية في بث محتويات خالية من القيم وبعيدة عن العادات والأعراف الاجتماعية، وندفع غيرهم نحو التفكير بصناعة محتويات مشابهة لجذب المتابعين.
مع تزايد مستخدمي برامج وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكن الجميع من صناعة محتوى، والتهافت لجلب عدد كبير من المشاهدات والإعجابات، بدأت شريحة تصنع محتويات تسهم في هدم كيان الأسرة وتحطم أخلاقياتها وتحول المنبوذ والمرفوض دينياً واجتماعياً إلى أمر مقبول بحجة أنه للترفيه أو الضحك.
وما يدعو إلى الأسف وفي الوقت نفسه، أن بعض المحتويات التي تقلل من شأن أحد الوالدين أو أي من أفراد الأسرة، وتضع له «سيناريو» أو تحدد له «دور» يكون فيه محط سخرية وتقليل من الشأن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، تحظى بأعداد مشاهدة عالية وحولت أمثال هؤلاء إلى مشاهير تحظى محتوياتهم بنسب مشاهدة مرتفعة. وتأخذ بعض المحتويات منحنيات أخرى يندى لها الجبين، متجاهلين عادات وتقاليد المجتمع بحجة محتوى مرغوب للمتابعين أو بمعنى آخر تم استحداثه مع برامح وسائل التواصل الحديثة «جلب متابعات وإعجابات».
أما ما يثير القلق هو مدى تأثر الأجيال القادمة بهذه المحتويات التي تهز مكانة الوالدين أو تسهم في تفكك الأسرة أو تقلل من أهمية المحافظة على العلاقات الإنسانية الخالية من الملوثات الفكرية واللفظية والسلوكية، وغيرها.
لا يمكن أن ننكر تأثير محتوى وسائل التواصل الاجتماعي على الفرد خاصة الأطفال والمراهقين، الذين يستقبلون كل ما يتم بثه من خلال شاشات الهاتف المتحرك، ولا يمكن أن ندعي بأن الغالبية قادرة على اختيار المحتوى المناسب للأبناء في ظل أمواج المضامين التي تترامي في شاشاتنا الذكية الصغيرة.
ولا يمكن أن ندس رؤسنا كالنعام متجاهلين الخطر الذي يحدق بالمجتمع في ظل تزايد أعداد الأفراد «المهدرين» لهذه القيم الأصيلة التي تشكل هويتنا وتميزنا بعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة التي تدعو إلى احترام الغير وإجلال كبيرنا خاصة للوالدين، والاحتشام في اللفظ قبل الملبس وغيرها من القيم.
في ظل ما سبق، تبقى الأسرة هي الحصن المنيع للفرد ليس فقط بالرقابة الوالدية التي قد لا تكون مجدية أحياناً في ظل السيل العرم من المحتويات، وإنما بعدم ترك مسؤولية إكساب الأفكار والمعتقدات على عاتق المضامين التكنولوجية، خاصة لدى الأطفال والمراهقين، والسعي نحو تكثيف الجهود لبناء شخصية قائمة على القيم الأصيلة والتعامل الفوري مع السلوكيات السلبية المكتسبة والتوجيه نحو الطريقة السليمة في اختيار المضامين.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/yck2cyce

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"