الحرب المفتوحة

00:45 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

لم يعد الحديث عن هدنة أو وقف للحرب الأوكرانية، أو حتى التفكير بمفاوضات تؤدي إلى تسوية سياسية، مجدياً، فمن الواضح أن كل أبواب التسوية باتت مغلقة، وأن كل الجهود والمبادرات التي تصدر من هذه الجهة أو تلك، هي مجرد لعب في الوقت الضائع، لحرب قد تطول لأشهر أو ربما لسنوات.

كل المؤشرات والمواقف، تدل على أن الموقف الأوكراني، المدعوم أمريكياً وغربياً لا يزال على حاله من حيث التمسك بشروط الانسحاب الروسي من كل المناطق التي تم الاستيلاء عليها منذ اندلاع الحرب في فبراير/شباط الماضي، وأن الهدف في نهاية المطاف، هو هزيمة روسيا أو على الأقل كسر شوكتها العسكرية والسياسية في أوروبا. كما أن روسيا، من جهتها، لا تزال تتمسك بشروطها، لدخول أية مفاوضات، وهو الاعتراف بالأمر الواقع الذي فرضته نتائج الحرب، أي عدم التنازل عن مكاسبها الميدانية في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابورجيا، إضافة إلى شبه جزيرة القرم التي تم ضمها عام 2014، مع إعلان أوكرانيا حيادها بعدم الانضمام إلى حلف الأطلسي، وإقامة نظام أمني متوازن في أوروبا.

من الواضح أن الشروط المتبادلة تبدو صعبة التنفيذ في الوقت الحالي، طالما أن الدول الغربية تواصل إمداد أوكرانيا بشتى أنواع الأسلحة، ومنها أخيراً منظومة صواريخ باتريوت الأمريكية، إضافة إلى الدعم المالي اللامحدود، في حين أن روسيا، من جهتها، تعمل على تطوير ترسانتها الحربية، وإمداد قواتها بأسلحة جديدة، تواكب تطورات العمل العسكري الميداني، في مواجهة الأسلحة الغربية المتطورة التي تحصل عليها القوات الأوكرانية.

لذا لم يكن مفاجئاً أن ترفض أوكرانيا الهدنة التي أعلنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جانب واحد، بمناسبة عيد ميلاد السيد المسيح لدى الطوائف المسيحية الأرثوذكسية، استجابة لنداء من البطريرك كيريل؛ إذ أعلن الرئيس الأوكراني زيلينسكي أن «روسيا تريد الآن استخدام عيد الميلاد، غطاءً لوقف تقدم رجالنا في دونباس، وجلب المعدات والذخيرة والرجال المعبئين بالحرب بالقرب من مواقعنا»، فيما أعلن وزير دفاعه أوليكسي دانيلوف أنه «لا مفاوضات مع موسكو». وقد حذا الرئيس الأمريكي حذو زيلينسكي، معتبراً أن موسكو «تحاول الحصول على بعض الأوكسجين»، كذلك رأت وزيرة خارجية ألمانيا أنالينا بيربوك أن الهدنة «لن تجلب الحرية والأمن».

حتى الهدنة لمدة 36 ساعة من أجل مناسبة دينية باتت مرفوضة، على الرغم من أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رحب بإمكانية «وقف الأعمال العدائية في هذه الفترة المقدسة».

نفهم من كل ما تقدم أن الحرب الأوكرانية ستطول طالما أن كل الأطراف المنخرطة فيها مصممة على تحقيق أهدافها من دون النظر إلى كُلفتها البشرية والاقتصادية والاجتماعية، أو حتى احتمالات تطورها خارج الحسابات المنظورة، وبما يهدد الأمن والسلم العالميين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ywk7u8c6

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"