أحمد بن محمد القاسمي بقلمين صافيين

00:00 صباحا
قراءة دقيقتين

الوفاء لا يُباع ولا يشترى ولا يكشف عن حقيقته إلاّ حين يتوجه إلى أهل الحق والحقيقة. الوفاء طبع وخُلق، والمثال الذي بين يديّ الآن هو ما قام به الكاتبان: أسامة طالب مرّة، ومحمد نجيب قدّوره من توثيق أدبي وأخلاقي يعود إلى معايشة يومية لحياة رجل من أهل الحق والحقيقة: الشيخ أحمد بن محمد بن سلطان القاسمي (1954-2018) الأهل للوفاء والإقامة الراكزة في الذاكرة بوصفه إنساناً أولاً، وإدارياً ثقافياً ومدبّراً مؤسساتياً ثانياً.

هذا بعض ممّا تخرج به إذا قرأت «سيرة الشيخ أحمد بن محمد بن سلطان القاسمي»، منشورات القاسمي 2022، والسيرة هنا مقطع من تاريخ الثقافة في الشارقة.

يكتب أسامة مرّة ومحمد قدّورة من الذاكرة ومن القلب، وليس من الأرشيف. نحن أمام كتابة حيّة.

عمل أسامة مرّة إلى جانب الشيخ أحمد، كما يقول في الكتاب من العام 1981 وحتى 1992، الفترة التي تولّى فيها الشيخ أحمد رئاسة دائرة الثقافة، ويقول أسامة مرّة، إن هذه السنوات هي أفضل عقد من عقود حياته السبعة، وفي الوقت نفسه، فإن ما لا نعرفه عن الشيخ أحمد الإنسان والمدير والناشط الثقافي المؤسسي، نعرفه من شهادتي أسامة وقدّورة.

يروي أسامة أن المفكر الإماراتي غانم غباش كان يتردد على الدائرة لزيارة الشيخ أحمد، «ولأن غانم كان من ذوي الاحتياجات الخاصّة (يستعمل كرسياً متحركاً)، ومقر الدائرة كان في الميزانين، فقد وَجَّه الشيخ أحمد بإنجاز منحدر خشبي متين على مدخل البناية لتسهيل تنقّل غانم غباش».

يقول أسامة، إن الفنان ناجي العلي حين تعرّض للاغتيال وفي أثناء علاجه وقبل وفاته كلّفه الشيخ أحمد بالاتصال بأسرة العلي عارضاً عليهم تحمّل نفقات العلاج وكافة مصاريف الأسرة. أما في معرض الفنانين النمساويين الذي صادف إقامته في اليوم الأخير لمعرض تجاري في إكسبو فقد كان الشيخ أحمد ينقل الأعمال الفنية، ويُسهم في تعليقها وأحضر العشاء لكافة العاملين، وأمضى إحدى عشرة ساعة من العمل «ليكون إكسبو جاهزاً قبل العاشرة صباحاً لاستقبال صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وضيوفه الكرام لافتتاح المعرض الفني النمساوي - الإماراتي».

محمد قدّورة رأى الشيخ أحمد من ثلاثة أبعاد كما يقول في شهادته، «فهو بصري في نظرته للحياة، سمعي في تعمّق الفكرة، حدسيّ عندما يستشعر بإحساسه الظروف من حوله».

بين الشعر وبين النثر تنهض صورة الشيخ أحمد بن محمد القاسمي في عمل أدبي سِيَري مكتوب بالفطرة والصفاء الذي يستشعره الإنسان حين يتأمّل ثنائية الحضور والغياب، بل حين يتأمّل قوّة الحضور في هشاشة الغياب.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4ve59mam

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"