عادي
ستة مبدعين في مهرجان الشارقة الشعري

قصائد على جناح المجاز وأحلام مؤجلة

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
عبدالله العويس ومحمد القصير ومحمد البريكي يتوسطون شعراء الأمسية

الشارقة: علاء الدين محمود
جولة جديدة من إبداعات المشاركين في مهرجان الشارقة الشعري تميزت برقة ما طرحته من أحلام مؤجلة تطوف على غيم المجاز، حيث تبارى ستة شعراء مساء أمس الأول السبت على مسرح قصر الثقافة بالشارقة، بحضور عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة في الشارقة، ومحمد القصير، مدير إدارة الشؤون الثقافية في الدائرة، المنسق العام للمهرجان، ومحمد البريكي، مدير بيت الشعر، ولفيف من المهتمين وضيوف المهرجان.

الشعراء هم: (جاسم الصحيح، وأحمد هلالي «السعودية»، وحسن عابد «البحرين»، وشريفة البدري «تونس»، وإبراهيم الحمد «العراق»، وعبد الوهاب بوشنة / الجزائر) وأدار الأمسية الإعلامي عبد اللطيف محجوب «السودان». بدأ الأمسية جاسم الصحيح بباقة من الأشعار المعطرة بعبير فواح من نسمات الهوى والخير والجمال، فكانت أولى قصائده إطلالة على عالم الحب الجميل، حيث حمل النص رؤية شعرية وفلسفية حول مفهوم الحب الذي يجمل عوالم البشر، ويشعرهم بمتعة الحياة، وقال:

الحب يرفعنا إلى إحساسهِ

ويتمُّ من إحساسنا، النقصانا

هذا الهواء يهبّ لا عن فتنةٍ

وإذا نحبّ نحسُّهُ فتَّانا

وإذا نحبّ نحسّ كلّ صبابةٍ

عيداً، وكلّ متيّمٍ قُربانا.

«بوح شفيف»

وبذات الألق والبوح الشفيف، قرأ الشاعر قصيدة أخرى بعنوان: «نجمة الأرض الأخيرة»، سافر فيها نحو سماوات من البهاء وفيوض المعاني، فقال:

ألفنا سماءً ألبستنا لباسها

وأزياؤها الفضلى مسوح واقنعة

فيا نجمة الأرض الأخيرة في يدي

أضيئي إلى أن يبلغ الضوء مصرعه

عييت بتأويل الحياة وسرها

عيائي بتأويل العيون المبرقعة.

أما حسن عابد، فقرأ نصوصاً تحمل وعداً بالجمال والإشراق الروحي البديع الذي يتسرب إلى النص فيجول بسهولة ويسر، فتتوهج القصيدة بألق الفكرة التي تكتشف مجاهيل الحياة والنفس البشرية، وتقف موقف المتأمل في الوجود، وتنفذ إلى أسراره بسلطان السؤال، يقول:

مُلْقَىً.. / يُفتِّشُ في حقيبةِ ظِلِّهِ / عَنْ حَيِّزٍ مِلْءَ السَّماءِ لِجَهْلِهِ! / مُتَأبِّطًا نَهْرَيْنِ مِنْ نَزْفِ التَّسَاؤلِ / كَيْ يُضَمِّدَ ما يُجولُ بِعَقْلِهِ / يضعُ السُّؤالَ على السُّؤالِ /لعلَّهُ يَرْقى لينْزعَ بعضهُ عنْ كُلِّهِ / طفْلٌ يفتِّحُ للتَّفكُّرِ رأسَهُ / مذْ فضَّ بالمعنى بكارةَ قُفْلِهِ / كاللّازورْدِ يَشفُّ../ يَكْشِفُ ذَاتَهُ / من غيْرِ أن يَنْسى قلادةَ رمْلِهِ!.

«عتبات التيه»

وتجلى حضور الألق الأنثوي مع شريفة بدري، التي ألقت نصوصاً تحمل بين طياتها رحيق الحب، وفي قصيدة بعنوان «عتبات التيه»، تخاطب الشاعرة الشعر وتناجيه وتبوح له بالأسرار، فقالت:

أيها الشاعر هاك سري الخفي

مثلهم تهت في الطريق إليّ

نجمة الصبح في وريدي

ولكن لا اتجاه قد تدل عليّ.

وفي نص آخر بعنوان «تهاويم»، تجوب في عوالم التيه ومناجاة الذات، والشاعرة تمتلك قدرة استثنائية في التعبير عن النفس والغوص في خباياها:

وإن ضج الحداة شكوت منه / فقل: عتب ترابي قديم / مدين للهوامش والمنافي / وما أوحى لدجلته الأديم.

«غيم المجاز»

وألهب الشاعر إبراهيم الحمد أكف الحاضرين بالتصفيق، وهو يحلق بهم في قمم مشيدة من غيم المجاز، فتفجر ألق شعري في قصيدة يحيي فيها دولة الإمارات فيقول:

أتيت من دمعة تحتج في ذاتي

الغيم تحتي وفوق رف آيات

أنا وبغداد والتاريخ أجمعه

وكل ما قيل عن مهد الحضارات

جئنا نزور سنام الأرض في بلد

له على الأرض إيقاع السماوات.

وكان الإبداع الشعري حاضراً مع قصائد عبد الوهاب بوشنة الذي طوف على عوالم الصحراء وتلك الحيوات البدوية العربية، فنقل للحضور ألق التراث العربي القديم، كما احتشدت قصائده بمفاهيم ورؤى فلسفية، وهذا ما يظهر جلياً في أحد نصوصه الشعرية:

رأس القصيدة شاب في تأصيلي

فتوقفي يا أنت عن تأويلي

ودع التراجم إنها مخصوصة

لو حققت بالجرح والتعديل.

«تطويع اللغة»

واختتم السعودي أحمد الهلالي الأمسية بروائع شعرية أظهرت براعة في تطويع اللغة وانتقاء الألفاظ والمفردات، وهذا ما نلمحه في نصه البديع الذي قال فيه:

قدري، انتقيت قصيدة مهجورة / عقلي إمامي والتراب الجت / ودخلت كهف أبي العلاء / مخففاً وطئي فأثقل صوتي الإسمنت.

وفي نص آخر، يناجي الشاعر نفسه، فلا ملجأ له غير القصيد:

فارقت أحضان المدنية وفي فمي

قمر وأوتار وورد مخيلة

ومضيت في الصحراء أرسم واحة

الجاهلي يدس فيها بلبله.

وفي ختام الأمسية قام كل من عبد الله العويس، ومحمد القصير بتكريم الشعراء المشاركين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kztmfa8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"