المسرح العربي.. من الدار البيضاء إلى بغداد

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

من بشائر مهرجان المسرح العربي الذي انتهت فعالياته في الدار البيضاء، بنجاح مفرح، على مستوى العروض والندوات الفكرية والثقافية، توصية المهرجان بأن تنتظم الدورة المقبلة منه (الرابعة عشرة  يناير/كانون الثاني 2024) في العاصمة العراقية بغداد.
وهي أكثر من بشرى. إنها ثقة ومعرفة وتكريم. ثقة بالثقافة العراقية الإنسانية الحرّة التي تنتصر اليوم على ثقافة العنف والتعصّب والتطرف، ومعرفة عميقة بالروح العراقية والوجدان العراقي، وهما يتماثلان تماماً مع شخصية بلد عربي أقوى بكثير ممن يحاول اختطافه من ثقافته وتاريخه وذاكرته العربية.
وأخيراً يأتي اختيار بغداد عاصمة للدورة المقبلة من مهرجان المسرح العربي في موقع التكريم المستحق للمسرح العراقي، والفن العراقي الذي شكّل عبر التاريخ والعصور، جماليات الروح العربية من المحيط إلى الخليج، ليس بالمسرح فقط؛ بل بالموسيقى أيضاً، والغناء والشعر والرسم، والنحت وفن العمارة وكل فن يسمو بالإنسان، ويحوّله إلى كائن جميل.
ولعلني على حق إذا استسمحت القارئ قليلاً بأن أعلّق على بطولة كرة القدم العربية الخليجية (خليجي 25) في البصرة، قبل أن أعود إلى التعليق على المسرح العربي في بغداد، لأقول سريعاً إن الجمهور العراقي بشكل عام، والبصراوي بشكل خاص، هو بطل من أبطال هذه الدورة الكروية العربية الخليجية، فقد أثبت جمهور الكرة في البصرة أن ثقافة الحياة عند العراقي أقوى من أي ثقافة أو أي فكر أو أي تعصّب يفضي إلى الشقاق أو الفتنة أو الكراهية.
إن الصورة الثقافية الشعبية العراقية الراقية، سواء في بعدها الوطني العراقي، أو في بعدها المحلي البصراوي، هي حقيقة العراقي وحقيقة ثقافته وذاكرته، ولعلّ المشهد الشعبي الجماهيري البصراوي، أو العراقي عموماً، في متابعة كرة القدم في مدينة النخيل والمطر والأدب والفن، هو في حقيقته مشهد ثقافي بامتياز، وذلك إذا حاولنا بكل بساطة أن نقرأ الفرح العام لدى الناس وتفاؤلهم ونظافة الجمهور وأناقته، وعدم ارتكابه أيّ مظهر من مظاهر العنف أو العصبية أو التشنج والانفعال. وهي كلها معاً صور ثقافية أو تمثّلات ثقافية يعكسها فضاء الحدث الكروي، الذي يكشف عن كل هذه المكوّنات الاجتماعية المشتركة والجميلة في الوقت نفسه.
لقد قادتني الصورة الرياضية العراقية هذه، تلقائياً، إلى الصورة الثقافية المرتقبة في حدث آخر هو الحدث المسرحي العربي في يناير/كانون الثاني 2024 في بغداد.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/36cvk8z3

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"