صلاح جاهين.. لا بديل ولا معادل

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

«.. النخل في العالي والنيل ماشي طوالي..
معكوسة فيه الصور.. مقلوبة وأنا مالي
يا ولا أنا ف حالي زيّ النقش في العواميد
زيّ الهلال اللي فوق مدنه بنوها عبيد
وزيّ باقي العبيد باجري على عيالي
باجري وخطوي وئيد من تقل أحمالي
محنية قامتي.. وهامتي كأنّ فيها حديد..».
الشعر أعلاه لصلاح جاهين الذي تحتفي به مصر في هذه الأيام، لكن صاحب الرباعيات والأزجال والأغاني الوطنية والعاطفية والإنسانية ليس موضع حفاوة مصرية فقط، بل، هو أيضاً علم شعري ثقافي عربي يحتفظ به الضمير الإبداعي من شرق وطننا وحتى مغربه.
صلاح جاهين ليلة كبيرة. موجود بكل سيرته وصدقه في صوت عبدالحليم حافظ، وفي خفّة دم سعاد حسني، وموسيقى سيّد مكاوي، وغيرهم من كبار أساتذة الفن والحب والحياة في ستينات وسبعينات وثمانينات القرن العشرين، الذي يسميه إدواردو غاليانو «قرن الرّيح» في إشارة كنائية لسرعة هذا القرن ورياحه العاصفة السياسية والثقافية والاجتماعية.
تربّيت، ثقافياً، وجيلي، ممن وُلِدَ في نهايات خمسينات القرن العشرين على الخبز المصري إن جازت العبارة، والمقصود بهذا الخبز.. الشعر، والسينما، والرواية، والغناء: صلاح عبدالصبور، أحمد عبدالمعطي حجازي، صلاح جاهين، بيرم التونسي، فؤاد حدّاد، نجيب سرور. وسنعرف أن للشعر جناحين؛ جناح الشعبي وجناح الفصيح، وسوف نلتقط من المحيط إلى الخليج غنائية اللهجة المصرية الشعبية قل أو البلدية من خلال لسانيات الشعراء الشعبيين المصريين: عبدالرحمن الأبنودي، وبالطبع صلاح جاهين. المثال الحاضر دائماً في كل استعادة ثقافية مصرية أو عربية.
عرفنا مصر من السينما:.. فاتن حمامة، شكري سرحان، لبنى عبدالعزيز، محمود ياسين، نجلاء فتحي، حسين فهمي، زبيدة ثروت، حسن يوسف، وغيرهم وغيرهن، كان فيهم صلاح جاهين.
عرفنا الصحافة من مصر أو عرفنا مصر من الصحافة:.. محمد حسنين هيكل، أنيس منصور، التابعي، السعدني، وغيرهم كثيرون، ومرة ثانية كان بينهم صلاح جاهين.. وهذه المرّة رسام الكاريكاتير، اللّاذع، الساخر، الناقد، المفكّر.
عرفنا الغناء من مصر، أو، عرفنا مصر من الغناء: عفاف راضي، شادية، فايزة أحمد، محرم فؤاد، فريد الأطرش، ليلى مراد، وغيرهم وغيرهن، وسوف يكون صلاح جاهين بينهم.. إنْ بذاكرته، وإنْ بشعره، وإن بشخصيته الإنسانية.
مصر تستعيد صورة صلاح جاهين بعد أكثر من 37 عاماً على غيابه، ولم تعرف أم الدنيا إلى اليوم معادلاً له أو حتى شبه معادل.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y8k9ucaj

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"