عادي
أكد أن العالم العربي لعب دوراً قيادياً

صندوق النقد الدولي يتوقع استمرار دول الخليج باحتواء التضخم 2023

14:12 مساء
قراءة 6 دقائق
كريستالينا غورغييفا
دبي: أنور داود

توقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10% وهو ما يزيد على المتوسط العالمي واستمرار بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم.

وقالت كريستالينا غورغييفا، مدير عام صندوق النقد الدولي في كلمة لها خلال المنتدى السابع للمالية العامة في الدول العربية المنعقد في دبي: نقدر التعاون الممتاز على مر السنوات، فاستطعنا سوياً أن نقطع شوطاً طويلاً، وأصبحت شراكتنا مع المنطقة أكثر قوة. وبعد مرور 20 عاماً على استضافة دبي اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية، سنشهد انعقاد الاجتماعات السنوية في مراكش خلال شهر أكتوبر.

وأضافت: خلال هذه السنوات، حقق العالم العربي تقدماً هائلاً، ولعب دوراً قيادياً حقيقياً على مستوى العالم. وأذكر هنا القمة العالمية للحكومات التي تبدأ فعالياتها الاثنين، واستضافة المنطقة لمؤتمر الدول الأطراف للعام الثاني على التوالي. ورغم النجاحات، تشهد المنطقة – على غرار مناطق كثيرة حول العالم – تحديات هائلة في الوقت الذي نواجه فيه أزمات عديدة. وإحدى القضايا الإقليمية الأكثر إلحاحاً، وهي كيفية تعزيز صلابة الموارد العامة لحماية شعوبنا واقتصاداتنا ومناخنا.


  • الدين العام مصدر قلق كبير لعدة دول في المنطقة
  • 90 % نسبة الدين لإجمالي الناتج المحلي للعديد من الدول في المنطقة

وأشارت غورغييفا إلى أن النمو العالمي لا يزال ضعيفاً، لكنه ربما يشهد نقطة تحول في الوقت الحالي. فبعدما ارتفع النمو بنسبة 3,4% في العام الماضي، نراه يتراجع حالياً إلى 2,9% خلال عام 2023، ليسجل تحسناً طفيفاً في عام 2024 حيث يصل إلى 3,1%. وقد أعلنا أحدث تنبؤاتنا منذ أسبوعين، وهي وإن كانت أقل قتامة مقارنة بأكتوبر، فإنها لا تزال تشير إلى تراجع النمو، كما تظل مكافحة التضخم من الأولويات في عام 2023.

وتابعت: على الجانب الإيجابي، نشهد حالياً تراجع التضخم من 8,8% في عام 2022 إلى 6,6% هذا العام و4,3% في عام 2024 وإن كان سيظل متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان. ومن العوامل المساعدة إعادة فتح الصين، وصلابة أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وبينما تبدو الصورة واعدة، لا تزال التطورات السلبية هي الكفة الراجحة في ميزان المخاطر. فمن الممكن تعطل مسيرة التعافي في الصين. وقد يظل التضخم متجاوزاً للتوقعات، ما سيقتضي المزيد من التشديد النقدي وربما تتصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا مخلفة اقتصاداً عالمياً أكثر تفككاً.

وأكدت أنه مع تباطؤ الاقتصاد العالمي، يُتوقع تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضاً من 5,4% في عام 2022 إلى 3,2% هذا العام، قبل أن يرتفع إلى 3,5% في عام 2024. وفي البلدان المصدرة للنفط، قد يؤدي تخفيض الإنتاج وفق اتفاقية أوبك+ إلى تراجع إيرادات النفط الكلية. وستتواصل التحديات في البلدان المستوردة للنفط. ويمثل الدين العام مصدر قلق كبير، حيث تواجه عدة اقتصادات في المنطقة ارتفاعاً في نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي التي تقارب 90% في بعض الاقتصادات.


  • تراجع التضخم من 8,8% خلال 2022 إلى 6,6% هذا العام
  • دول الخليج أتاحت 54 مليار دولار للدول منخفضة الدخل إقليمياً

وأوضحت أنه للعام الرابع على التوالي، نتوقع أن يتجاوز التضخم في المنطقة 10% وهو ما يزيد على المتوسط العالمي. وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات منخفضة الدخل في المنطقة، يعكس ذلك التداعيات الممتدة لارتفاع أسعار الغذاء، وانخفاض أسعار الصرف في بعض الحالات. وحسب توقعاتنا، يتراجع التضخم تدريجياً مع استقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجو من تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، ونتوقع استمرار بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم. وهناك عدة مخاطر تستدعي القلق في المنطقة أيضاً. أوكرانيا والكوارث المناخية قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للمخاطر. ويُضاف إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب. كذلك يمكن أن تؤدي زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع تكلفة الاقتراض، بل ونقص التمويل في بعض الحالات. ومن شأن تأخر الإصلاحات المحلية الملحة أن يفرض عبئاً على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية.

3 مبادئ استرشادية

وقالت غورغييفا: نشهد عاماً صعباً آخر ولكن هناك أسباباً للتفاؤل ولا تخلو جعبتنا من الحلول لجعله عاماً أفضل، ونسلط الضوء على 3 مبادئ يمكن للبلدان الاسترشاد بها في توظيف سياسات المالية العامة في بناء الصلابة، مع التركيز لاحقاً على سبل التعاون من أجل تسديد الأهداف في مرمى القضايا التي لن يتسنى لنا مواجهتها إلا سوياً.

وقالت: يتمثل المبدأ الأول في وضع إطار قوي لإدارة سياسة المالية العامة والتعامل مع المخاطر المحيطة بها، ففي عالم اليوم المعرض للصدمات الذي يكتنفه عدم اليقين، أصبحت إدارة سياسة المالية العامة أكثر أهمية، ولكن أكثر تعقيداً أيضاً. فلننظر إلى تقلبات أسعار الطاقة والغذاء في المنطقة التي تتطلب من الحكومات التدخل لحماية الفئات الضعيفة مع مواصلة خطط التنمية والاستثمارات.

وأشارت إلى أن على الحكومات أيضاً إدارة العديد من المخاطر التي تهدد مالياتها العامة، بما في ذلك الناجمة عن الضمانات العامة وخسائر الشركات المملوكة للدولة، ما قد يؤدي إلى زعزعة استقرار الدين وتخفيضات حادة في النفقات الضرورية.

وأوضحت أن المبدأ الثاني يتمثل في التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ. فمن شمال إفريقيا إلى آسيا الوسطى، تبلغ مستويات الاحترار في المنطقة ضعف معدلها في باقي أنحاء العالم. وبخلاف ضرورة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل مكان، نحتاج إلى العمل عبر جبهات عديدة. فعلى سبيل المثال، يمثل الاستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ ونظم الإنذار المبكر عاملًا أساسياً لتعزيز صلابة المنطقة. وينطبق ذلك أيضاً على استثمارات الطاقة المتجددة، وجهود الحد من كثافة الكربون في مختلف اقتصادات المنطقة.

وقد أعلنت حكومات المنطقة عن احتياجات تمويلية متعددة بقيمة تتجاوز 750 مليار دولار لاتخاذ هذه التدابير. وتعتمد تلبية هذه الاحتياجات على توفير بيئة مواتية للتمويل المناخي الخاص من خلال السياسات والحلول المالية السليمة.

وأكدت أن المبدأ الثالث هو تعزيز الإيرادات الضريبية، فالاستثمار في مستقبل أكثر صلابة مرهون بمواصلة تعزيز سياسات الضرائب والإدارة الضريبية. وقد أحرزت بلدان عديدة في المنطقة تقدماً كبيراً في تعزيز قدراتها الضريبية. ومع ذلك، فإن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمالي الناتج المحلي، ما عدا الإيرادات المرتبطة بالهيدروكربونات، لا يزال 11% تقريباً – أي أقل من نصف الحصيلة الممكنة، ويمكن زيادة هذه النسبة من خلال تحسين تصميم السياسات الضريبية والإلغاء التدريجي للإعفاءات الضريبية المفتقرة للكفاءة.

وأشارت إلى أن العامل الأساسي الآخر لزيادة الإيرادات هو تحديث الإدارة الضريبية، كما يمكن أن يساعد استخدام الأدوات الرقمية في هذا الصدد.

أعباء الديون

ولفتت غورغييفا إلى أهمية تعميق التعاون الدولي، مؤكدة أن بعض البلدان في الوقت الحالي لا تتيح سياساتها المحلية ببساطة حلًا كافياً لمواجهة تحد عاجل آخر، ألا وهو عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين. فأعباء الدين الساحقة يصعب معها الإنفاق على الصحة والتعليم والبنية التحتية، ويقع ضررها الأكبر على الفئات الأكثر عرضة للمخاطر، لكنها تمثل أيضاً مشكلة مشتركة تواجه المنطقة والعالم أجمع. وهنا تتجلى أهمية العمل الجماعي. فوجود العديد من دائني القطاعين العام والخاص يعني أن مشكلة عدم استمرارية القدرة على تحمل الدين يكمن حلها الأوحد في التعاون متعدد الأطراف.

وأكدت مدير عام صندوق النقد الدولي أن لدى المنطقة تاريخاً قوياً من التعاون داخل العالم العربي، فعلى مدار السنوات ال 5 الماضية على سبيل المثال، أتاحت بلدان مجلس التعاون الخليجي 54 مليار دولار لتمويل احتياجات الميزانية وميزان المدفوعات. وقدمت الدعم إلى البلدان منخفضة الدخل، والدول الهشة والمتأثرة بالصراعات في المنطقة، من خلال تخفيض الديون ودعم أمن الغذاء. ويتضمن ذلك الدعم الذي أعلنته مجموعة التنسيق العربية في العام الماضي بقيمة 10 مليارات دولار ويمكن للبلدان المانحة مواصلة دعم الاستقرار الاقتصادي والنمو على مستوى المنطقة من خلال المبادرات المتعددة الأطراف.

وأشارت إلى أن الصندوق قدم ما يقرب من 20 مليار دولار في صورة دعم مالي لبلدانه الأعضاء في المنطقة منذ بداية الجائحة. وتلقى العالم العربي أكثر من 37 مليار دولار كجزء من عملية تخصيص حقوق السحب الخاصة الأكبر في تاريخ الصندوق عام 2021، والتي بلغت قيمتها 650 مليار دولار ونعمل حالياً مع البلدان ذات الاحتياطيات الأكبر لتحويل هذه الأصول إلى البلدان الأكثر احتياجاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2as5bxwn

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"