عادي

مدن لا حدود لها

23:25 مساء
قراءة دقيقتين
ميسون أبو بكر

ميسون أبوبكر

أوروبا القارة العجوز تختال بفنها وتاريخها وفنانيها على اختلاف مشاربهم، ففي دولها ومدنها وقراها آثار لهم استطاعت أن تكون نبض المكان ووجهة الإنسان من كل أنحاء العالم.

قرى صغيرة ومدن مغمورة احتلت شهرة واسعة، لأنها مدن ولد بها موزارت أو عاش فيها فيكتور هوجو أو التقى في مقاهيها شعراء وفنانون.

وفرنسا عاصمة الفن والجمال العالمية التي تحتفظ في مدنها وقراها بوهج مثقفين وأدباء وفنانين وفلاسفة ولدوا أو ترعرعوا أو مرّوا بها، صارت بهذا التنوع وجهة سياحية أولى لعشاق تلك التفاصيل التي تشوّقهم لتتبعها والبحث عنها لمعرفة المزيد.

«ديفون»، الوادعة في قلب فرنسا وعلى مقربة من جنيف عاصمة المنظمات الإنسانية والحقوقية، هي المدينة التي لا تشعر فيها كعربي بغربة، لأنك ستجد أن سكانها من الكويت والسعودية أكثر من الفرنسيين ثم ستقابل الكثير من المغرب وتونس والجزائر من أبناء المهاجرين ومن حملوا الجنسية الفرنسية، وبعيداً عن سحر «ديفون» وجمال زهورها وملاعب الجولف الخضراء على تلّتها، والمحال الصغيرة والأنيقة ثم اسطبل الخيل والبحيرة الشهيرة فإن لها عبقاً ثقافياً يضاف لها، ففيها مقهى شارلي شابلن وشارع فولتير، وهو الأديب الفرنسي الذي ترك وراءه ما جمع في سبعين مجلداً من شعر ومسرحيات وقصة ورواية ومقال، وهو صاحب العبارة التي وضعتها في برواز عريض في ذاكرتي «النجاح خطيئة.. يرتكبها المرء بحسن نية، ومع ذلك لا يغفرها له الآخرون».

حين تزور«ديفون» لا بد أن تذهب على بعد بعض كيلومترات منها لزيارة بيت بودلير الذي تحول إلى مزار للسياح يستمعون فيه إلى قصته، ويشاهدون أشياءه وكرسيه الذي كان السرير الذي ينام عليه جالساً.

الكثير من الأدباء الغربيين لم يبق إرثهم الأدبي للنخبة وفي أيقونات لا يصل إليها إلا النقاد والمهتمون؛ بل استطاعوا أن يكونوا أدباء شعبيين، يباع نتاجهم في كتب الجيب التي يحملها الكثير من الناس ويستمتعون بقراءتها في القطارات وأماكن الانتظار.

ستكون عزيزي القارئ محظوظاً لو رافقك شخص من سكان البلد الذي تزوره أو كنت صديقاً لأحدهم، فثقافة السائح عن المكان بسيطة واختياره المطاعم كذلك، فهناك مطاعم تقدم الطعام التقليدي للمنطقة ويعرفها أهل المنطقة جيداً وأخرى للسائحين، والفرق أن الطعام تراث كذلك من خلاله تتعرف إلى الكثير من الأمور.

«إيفيان» ومن لا يتذكرها وهي التي تنتج المياه المعروفة، ثم نيون و لوزان ومونترو وغيرها من المدن الفرنسية التي تتعانق مع المدن السويسرية، ويستطيع الزائر أن يتنقل من هذه لتلك دون أن يشعر بالحدود، والطريق ما بينها بديع فإما هو مزارع عنب يتدلى أو مراعي خيول أو حدائق زهرة الشمس المبهجة، وطوبى لمن قرأ أو عرف عمن مرّ يوماً من مبدعين في تلك المدن.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4e8uh3kv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"