عادي

عبد العزيز المسلّم.. رائد التراث العربي

01:54 صباحا
قراءة 5 دقائق
د. مِنِّي بونعامة

الشارقة: جاكاتي الشيخ
يحاول كتاب «رجل التراث العربي.. د. عبد العزيز المسلّم» تناول شخصية ثقافية رائدة في مجال التراث، حيث يستعرض من خلاله مؤلفُه د. مِنّي بونعامة، السيرة العلمية والمسيرة العملية لهذا الباحث المُجِدّ، والتي تُوِّجت بحصوله على لقب «رجل التراث العربي» لسنة 2023، من طرف الاتحاد العربي للإعلام السياحي في العاصمة الألمانية برلين، تقديراً لجهوده في سبيل صون التراث وتثمينه، والتي أثمرت برعاية وتوجيهات سامية من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة.

صدر الكتاب عام 2023، عن معهد الشارقة للتراث، وقسّمه مؤلفه إلى قسمين، مدخل عام وسرد للبدايات، والمشروع الثقافي: الملامح العامة، مع شهادات ومواقف حول تجربة شخصية الكتاب، وأنهاه بخاتمة تلخص السمات والخصائص المميزة لهذه التجربة الرائدة.

تناول د. بونعامة في قسم «المدخل العام وسرد البدايات» جوانب مضيئة من سيرة د. المسلَّم، وتعرض لبداياته الأولى من خلال تقديمه للقراء، معرفاً إياه بأنه الشاعر والباحث الإماراتي، ولد في الشارقة 1966، وسارداً بعض تفاصيل طفولته وأثرها البالغ في صقل شخصيته وبلورة وعيه، ووجهته نحو تحقيق أحلامه، فعاش شغوفاً بالتراث الثقافي.

واستعرض المؤلف جوانب من بينها: عالَم المسلّم الشعري، وعمله المسرحي، اللذان انحسر انشغاله بهما ليتفرَّغ للاهتمام بالتراث، حيث ظهرت بوادر قصته معه حين كان طالباً في الثانوية، عندما كُلّف ذات مرة بجمع سِيَر وقصائد نخبة من الشعراء الشعبيين الذين اتكأ شعرهم على المادة التراثية، فيما سجل عام 1984، بداية مرحلة حاسمة في حياته وعلاقته بالتراث، حين التحق ب«مركز التراث الشعبي لدول الخليج العربية» في الدوحة، المُؤسَّس في نفس العام، واختار الأدب الشعبي، فشكّلت تلك الدورة فرصة ذهبية لانطلاقه في عوالم التراث الثقافي، ليجمع بين 1985 - 1988 بين العمل في المطار وعمله الثقافي / دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، ويصبح عام 1988 مشرفاً تراثياً، فكوّن فرق عمل لجمع الموروث الشعبي وأشرف عليها، وصار بين 1986 و1990 ضابطَ اتصال فنّي بين الإمارات و«مركز التراث الشعبي لدول الخليج»، فالتقى حينها بعدد كبير من رواة المنطقة الذين أمدّوه بمعرفة عميقة بالتراث الشعبي الخليجي، وترك الدائرة عام 1990، وعمل في أمكنة ومجالات مختلفة، ليعود إليها لاحقاً ويتقلّد منصب مدير إدارة التراث والشؤون الثقافية، ويعمل على ترقية التراث، فأرسل الباحثين لجمع المادة التراثية من أفواه الرواة وتدوينها قبل اندثارها.

كتاب رجل التراث العربي

التأليف والنشر

وفي ذات القسم تناول المؤّلف اهتمام المسلّم المبكر بمجال التأليف والنشر، فقد أسس مع نخبة من شباب الإمارات مجلة ثقافية شهرية باسم «مزون»، تعنى بالإبداع الشعبي، وتولدت عنها إصدارات من بينها: «مزون القوافي» حول الشعر الشعبي، و«الأثر الجميل» حول الشعر الفصيح، ومجموعة قصصية، ثم أتبعت بمجلة «المختلف»، و«الغدير»، واستطاع المسلّم من خلال تلك التجربة تأكيد ذاته وإثبات حضوره كشاعر وباحث في التراث، وتناول المؤلف المسار العلمي للمسلّم، فمَرَّ على مشاركته في دورة التراث الثقافي في الدوحة، وحصوله عام 2000 على الليسانس في التاريخ من جامعة بيروت، وعام 2006 على دبلوم عال في التاريخ والحضارة الإسلامية من جامعة الشارقة، وأكملَ بنيله الدكتوراه في التاريخ والتراث الثقافي من جامعة الحسن الثاني بالمغرب، والدكتوراه الفخرية من جامعة العلوم والتكنولوجيا بولاية ميجالايا الهندية.

وعن النتاج الفكري للمسلّم، قدّم د. بونعامة حصيلة وافرة لهذه الشخصية التي نَشرَت في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية، مُشيراً إلى منجزه الثقافي والتراثي، كما أعدّ المسلّم وقدّم العديد من البرامج التلفزيونية والورش المهنية المتخصصة، وأورد أنه ينشط في إدارة وعضوية هيئات محلية ودولية عدة، في مجال الثقافة والتراث، من بينها منصب رئيس معهد الشارقة للتراث، الذي يشغله منذ 14 ديسمبر 2014، حيث يعمل على تنفيذ الأهداف المرسومة، من أجل أن يتبوأ هذا المعهد مكانة مرموقة في المشهد الثقافي والتراثي في الخليج والوطن العربي والعالم. وهو ما نجح في قطع أشواط كبيرة منه، تجلّت في حضور المعهد الدائم في المحافل الدولية، وتواصله مع مختلف المؤسسات الثقافية والتراثية حول العالم، واستقطابه للفيف من الباحثين والخبراء لرفده بتجارب رائدة في مجال التراث الثقافي، وهو في نشاطه الأكاديمي أستاذ زائر في عدد من الجامعات المحلية والدولية، ورئيس وعضو لمجالس استشارية جامعية عدة.

مشروع ثقافي

وعن اهتمامات المسلّم الثقافية، يقول المؤلف: «هو واحد من الرواد القلائل الذين اهتموا بالتراث الإماراتي، فخبروه وسهروا على حراسته وحفظه وصونه، وأسهموا في الارتقاء بنظرة المجتمع إليه، حيث حاضرَ حوله كثيراً، وتعاون مع جامعات ومعاهد عدة، لدعم هذا الموروث وتعزيز مكانته ونشره، وذلك ما أهلّه للحصول على جوائز وألقاب عدة، بالإضافة إلى الجائزة التي بين أيدينا، من أهمها: شهادة الأداء الحكومي المتميز في الخدمة العامة 2003 بالشارقة، وشخصية العام الثقافية بالشارقة 2012، ووسام المبدعين الخليجيين 2014 بالكويت، وجائزة العويس للإبداع 2015 بدبي، ووسام رواد التراث في الخليج 2016 بالدوحة، بالإضافة إلى ترشيحه لنيل جائزة استريد ليندغرين التذكارية السويدية سنة 2016».

في القسم الثاني تناول المؤلف في 7 فصول الملامح العامة لمشروع المسلّم الثقافي، مستعرضاً المحاور التي ركز عليها هذا الباحث في مجاله، ومقاربته التي حرص فيها على طرح العديد من قضايا التراث الجوهرية، ومناقشتها بأسلوب علمي ومنهجي، وإصدارها في كتب ودراسات توثّق جوانب مهمة من الثقافة الشفهية والموروث الشعبي، فتحدث في أول هذه الفصول عن عمل المسلّم في الشعر الشعبي: مسيرة البحث الشعري، والنشر مع رفاق الدرب، وبرامجه الشعرية الإذاعية والتلفزيونية، وأعماله الشعرية، وتناول في ثانيها دوره في حفظ الذاكرة الشعبية من خلال أعماله التأليفية: «الذاكرة الشعبية»، و«مراود»، و«مرامس»، و«المعنى»، وناقش في ثالثها الأدب وموضوعاته لدى المسلّم، من خلال كتبه: «دروب الود»، حول 22 شخصية ملهمة ومؤثرة في حياته، و«من القلب»، في النقد الثقافي والأدبي والاجتماعي، و«كاريبو»، ويحتوي على مجموعة من الخواطر والتجارب والمواقف التي عايشها، واستعرض في الرابع التراث الثقافي وقضاياه الكبرى، من خلال كتبه: «الأزياء والزينة في الإمارات»، و«اللهجة الإماراتية»، و«التراث الثقافي في الإمارات»، و«أمثال السنع»، وتناول القسم الخامس أعمال المسلّم التأليفية، حول الحكاية الشعبية والخرافية، وقدّم في السادس استذكارَه لتراجم وسِيَر أعلام الرعيل الأول من المبدعين الإماراتيين، وفي السابع قدم استكشافَه للذات الشخصية والجمعية عبر أدب الرحلة، في مؤلَّفيْه: «مدوّنة مسافر»، و«مدائن الريح».

شهادات

أما الفصل الثامن من القسم نفسه، فقد خصصه المؤلف لاستعراض مجموعة من الشهادات والمواقف، لنخبة من الباحثين والخبراء والمفكرين حول تجربة د. عبد العزيز المسلّم، بمختلف محطاتها، بوصفه سفيراً للتراث أينما حل، وواحداً من أهم الشخصيات المؤثرة والفاعلة في المشهد الثقافي الإماراتي والعربي وحتى العالمي.

اقتباسات

تعكس أعمال المسلّم الأولى رغبة جامحة في تدوين تراث كان يعاني التشويه والتزييف.

يميل المسلّم في أعماله إلى التدقيق والتمحيص وضبط المفردات التراثية.

توسعت دائرة الاهتمام بالراوي في مشروع المسلم، لتشمل الراوي الدولي بالإضافة إلى المحلي.

تنطوي قصص «حكايات خرافية» على متخيّل سردي تقوم بنيته على الخرافة.

يضم «خراريف» 20 دراسة ل20 كائناً خرافياً شائعاً في التراث الإماراتي.

الناشر: معهد الشارقة للتراث

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/y4byadvx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"