مدرسة أيام الشارقة المسرحية

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

10 مارس/آذار 1984 كان انطلاق الدورة الأولى من أيام الشارقة المسرحية برؤية عملية مهنية تنسجم تماماً مع فكر مشروع الشارقة الثقافي القائم أساساً على أعمدة ثقافية وأدبية وإبداعية من أهمّها عمود المسرح، وستكون «الأيام» هي الرحم الأول لهذا الفن التاريخي، الذي عرفه روّاد ورجالات الخشبة والستارة والفرجة الاجتماعية العامّة في الإمارات منذ خمسينات وستينات القرن العشرين بثقافة فطرية وأداء فطري جماعي كان نوعاً من الوعد لمسرح إماراتي محترف.
كان مسرحيو السبعينات وأواخر الستينات في الإمارات، ومن بينهم سلطان الشاعر، على سبيل المثال لا الحصر، يؤسسون لمسرح محلي بروح محلية بالطبع من دون نظريات ومصطلحات وخطابات فكرية معقّدة. كانت الفطرة المسرحية قبل أكثر من نصف قرن من الزمان هي الثقافة وهي الوعد، وهي الروح، لكن تحت طبقة هذه الفطرة كانت الموهبة، وفي موازاة الموهبة حب المسرح الذي كان في الإمارات فناً شعبياً بامتياز يحتفي بالفرح العام للناس بخاصة في عيدي الفطر والأضحى، كأن المسرح كان آنذاك نوعاً من الاحتفاء بما هو ديني في بيئة اجتماعية متماسكة، وتعكس الفرجان المتقاربة، بل والأبواب المتقاربة صورة هذا التماسك «العائلي»، وكان المسرح أيضاً مفردة شعبية من ضمن مفردات التعبير عن تماسك الناس، وتقاربهم، وتدينهم النقي الفطري أيضاً.
جذور المسرح في الإمارات تحتاج فعلاً إلى بحث إنثروبولوجي، وروحي، واستقصائي أولاً. استقصاء المكان والإنسان في المكان، وكيف كان يصنع فنونه على نحو جماعي عادة بل دائماً، والمسرح كما هو أبو الفنون، هو أيضاً، فن الجماعة الاجتماعية العائلية المسرحية.
«أيّام الشارقة المسرحية» ليست مجرد مهرجان دوري سنوي ينعقد منذ 32 دورة في شهر مارس/آذار من كل عام فقط، بل المهرجان أيضاً تاريخ للمسرح في الإمارات، وهو أيضاً تاريخ لشغف أبناء وبنات المنطقة بهذا الفن الذي يعبّر عن روحهم الجماعية المتماسكة، وعن ارتباطهم بالمكان وعلاماته الأصيلة: علامات البيئات الثلاث في الإمارات: بيئة البحر، وبيئة الجبل، وبيئة الصحراء.
في الدورة الثانية والثلاثين من أيّام وليالي المسرح في الشارقة بعد أسبوع نلتقي أجيالاً لا جيلاً واحداً من المسرحيين والمسرحيات: عناصر التأليف، والإخراج، والتمثيل، والسينوغرافيا، والإضاءة، والإدارة في الإمارات، أي نحن في «الأيام» إنما نحن في «مدرسة مسرحية» إماراتية عربية تخرّج منها العشرات من عشاق أبي الفنون: السرد، الشعر، الموسيقى، الحوار، اللغة، البلاغة، والبيان.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/8vhaup6e

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"