معنى إسقاط طائرة التجسس

00:30 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

ليست حادثة إسقاط طائرة التجسس الأمريكية من دون طيار «إم كيو 9» فوق البحر الأسود من جانب مقاتلات روسية مفاجئة أو جديدة في مسار الصراعات والتنافس بين الدول الكبرى التي اعتادت التجسس على بعضها، للحصول على معلومات عسكرية، تتعلق بقدراتها العسكرية والنووية، فقد حصل أن أسقط الاتحاد السوفييتي في 1 مايو/أيار 1960 طائرة التجسس الأمريكية «يو 2»، وأسر قائدها فرانسيس باور الذي اعترف بأن مهمته كانت تجميع معلومات حول القواعد العسكرية، وهي واحدة من مهمات سابقة مماثلة قامت بها الطائرات الأمريكية. كما أن الصين أسقطت طائرة تجسس أمريكية من طراز «لوكهيد إي بي -3» عام 2001 فوق جزيرة هينان، وعلى متنها 24 فرداً، تمكنت من الهبوط في أحد مطارات الجزيرة.

 إذاً، هناك عمليات تجسس واستطلاع متبادلة بوسائل مختلفة؛ إحداها بواسطة الطائرات أو المناطيد أو الأقمار الاصطناعية، أو من خلال التدخل البشري، لكن حادثة طائرة البحر الأسود تختلف عن سواها، لأنها جرت في حالة حرب قائمة بين روسيا وأوكرانيا، والولايات المتحدة هي الطرف الذي يقدم الدعم العسكري والمادي والاستخباراتي المباشر لأوكرانيا من خلال تجميع المعلومات عن القوات الروسية ومواقعها وطريقة انتشارها، ومتابعة الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تتم بين الوحدات العسكرية الروسية مع بعضها، وبينها وبين قياداتها، أو التشويش عليها.

 وبالتأكيد، فإن هذه الطائرة وغيرها من الطائرات الأمريكية والتابعة لحلف الأطلسي، تقوم بالرصد والاستطلاع على مدار الساعة فوق البحر الأسود، وفي مناطق أخرى متاخمة للعمليات العسكرية، وعلى ضوء ما تجمعه من معلومات، يتم تحريك القوات الأوكرانية ميدانياً، وتزويدها بإحداثيات عن مواقع القوات الروسية، لقصفها.

 تباينت المواقف الأمريكية والروسية حول طريقة إسقاط الطائرة، واشنطن قالت: إن طائرتين مقاتلتين روسيتين اصطدمتا بها فسقطت، فيما قالت موسكو إنه تم رصد الطائرة، وإن المقاتلتين الروسيتين لم تصطدما بها، إنما أصيبت بخلل ووقعت، لكنها أكدت بأن الحادث يظهر «تدخلاً أمريكياً مباشراً بالأزمة الأوكرانية»، وأشارت إلى أنها «انتهكت منطقة النظام المؤقت لاستخدام المجال الجوي التي أُنشئت بغرض إجراء العملية العسكرية الخاصة، وتم تبليغ جميع مستخدمي المجال الجوي الدولي بذلك، ونشره وفق المعايير الدولية»، في إشارة إلى العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا في 24 فبراير/ شباط 2022.

 الولايات المتحدة من جانبها تعد أن الحادث وقع فوق المياه الدولية، و«أن البحر الأسود والأجواء التي كانت الطائرة تحلق فيها ليسا ملكاً لروسيا». واتهمت موسكو بمحاولة توسيع النزاع في أوكرانيا.

 واشنطن استدعت السفير الروسي لديها، وقدمت احتجاجاً شديد اللهجة، فيما تساءل السفير عمّا إذا كانت واشنطن ستسقط طائرة تجسس روسية إذا ما حلقت فوق نيويورك، فرد عليه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: «إن أوكرانيا وشبه جزيرة القرم ليست مناطق روسية».

 بين الأخذ والرد والسجال المتبادل، فإن حادث إسقاط الطائرة، يشير إلى مدى حالة الاستعداد والاستنفار بين القوى المتصارعة على الأرض الأوكرانية، وإمكانية انفجار الحرب، وتوسعها من جرّاء حادث مماثل أو أي حادث عارض آخر.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdr87j98

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"