عادي

مسرحية أمريكية عن حرب الخليج تعرضت للتغيير 101 مرة

20:55 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة - الخليج:

بدأت الكاتبة والممثلة الأمريكية ذات الأصول العراقية، هيذر رافو، رحلة طويلة للوصول إلى النسخة الأخيرة من مسرحيتها «9 أجزاء من الرغبة»، وفكرة المسرحية جاءت من وحي زيارة رافو للعراق عقب حرب الخليج الأولى، حيث قابلت عدداً كبيراً من النساء العراقيات، داخل وخارج العراق، وبدأت بتسجيل مقابلاتها معهن، ودمج بعضها في صورة مونولوجات مسرحية، وعندما بدأت بوادر حرب جديدة على العراق عادت رافو مرة أخرى للنص، وكتبته في صورة تسعة مونولوجات لها إطار اللوحة الفنية، كحكاية شهرزاد التي تؤطر «ألف ليلة وليلة» تنبع حكاية من أخرى في سرد متتال.

1
هيذر رافو

كان الإطار الأول للمسرحية هو إطار اللوحة، إطار قصة الفنانة «ليال» التي تجلس أمامها شخصيات المسرحية، واحدة تلو الأخرى، تحكي كل منهن حكايتها، بينما تقوم الفنانة برسم لوحة لها، كانت الحرب على العراق مجرد فكرة بشعة يحاول البعض أن يبعدها عن الأذهان، وعندما بدأت حاول الجهاز الإعلامي إيهام الرأي العام بأنها حرب سريعة للتخلص من طاغية يحكم دولة تتوق إلى الديمقراطية، لكن الحرب استمرت، وأخذت تغيّر من شكلها ومداها، يوماً بعد يوم، وبدأ نص مسرحية «9 أجزاء من الرغبة» يعكس التغيرات الدائرة على أرض الواقع داخل العراق، حتى وصل عدد التغييرات إلى 101.

قدم العرض الأول الذي مثلت هيذر رافو جميع شخصياته، في اسكتلندا عام 2003، ثم انتقل إلى لندن، ولم يتحمس المنتجون لعرضه في أمريكا، واكتشفت رافو أن الجمهور الأمريكي لم يجد مدخلاً مناسباً ليتفهم المسرحية ويتفاعل معها، وكان أول التغييرات تطوير شخصية «الأمريكية»، وهي واحدة من النساء التسع اللاتي تعرض المسرحية حكاياتهن، وتغير عدد آخر من الشخصيات على مراحل متباعدة من العرض.

تصهر هيذر رافو عدداً من الأزمنة في مسرحيتها، ويخدمها التاريخ بأن الحرب الجديدة الدائرة وقتها تسمى أيضاً «حرب الخليج»، وأن الرئيس الذي يصدر قرار الحرب الجديدة اسمه مثل والده «بوش»، ولا يدرك الجمهور بالضرورة كل هذه التفاصيل، فالمسرحية أمامهم تتحدث عن حرب، وعن بوش، فيستنتج الجمهور أن هذا يشير لما يحدث في واقعهم الآني في بدايات القرن الحادي والعشرين، وتستغل الكاتبة هذا الخلط بذكاء، وكأن الماضي والحاضر يجتمعان معاً في النص، وما يدور حالياً هو نسخة جديدة مما دار سابقاً.

  • مقابلات

تتطابق طريقة عمل هيذر رافو مع صناع المسرح التسجيلي، حيث إنها تعتمد بشكل أساسي على عدد من المقابلات مع أشخاص يعيشون في المجتمع الذي تريد تقديمه على خشبة المسرح، وتقول رافو إنها زارت ملجأ العامرية، حيث فقد كثير من المدنيين العراقيين حياتهم، عندما صار الملجأ هدفا للقصف في حرب 1991، وزارت مركز صدام للفنون، وبدأت البحث عن الفنانة ليلى العطار مديرة المتحف، التي قتلت في غارة جوية أمريكية في يونيو/ حزيران 1993 قبل عدة أشهر من رؤية لوحة لها في مركز صدام للفنون.

تم تسويق العرض بتأكيد صبغته التسجيلية، لكن الكاتبة ترفض تصنيف عملها كمسرح تسجيلي وثائقي، حيث تكتب في مقدمة النص: «لم تكن طريقتي مثل المقابلات الرسمية، لكني قضيت وقتاً مع الشخصيات، نعيش ونأكل ونتواصل ونحب، لدرجة أنه عندما حان وقت الوداع ظهر للجميع أننا عائلة واحدة، بدا وكأننا ننتمي لأسرة واحدة، الحكايات في هذه المسرحية، مع استثناءات نادرة، لم تنقل حرفياً، معظمها مكون من عدد من الحكايات».

  • نجاح

تحتل الكاتبة مكاناً خاصاً في العرض، فهي غريبة على الثقافة العراقية، والمجتمع العراقي بسبب نشأتها في أمريكا وعدم تعلّمها اللغة العربية، لكنها في الوقت ذاته مرتبطة بالمجتمع وثرائه، فهي ليست سائحة تزور المكان من الخارج، وقد نجحت المسرحية في أمريكا وأوروبا، ويعد نجاحها علامة مهمة في تاريخ المسرح العربي الأمريكي، الذي أخذ منحى جديداً بعد أحداث سبتمبر 2001 حيث كانت إرهاصات هذا المسرح، بدأت في نهايات القرن التاسع عشر، مع بداية حركة الهجرة من الدول، التي كانت تحكمها الإمبراطورية العثمانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4surmzvc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"