نبيل سالم
تشابك خيوط اللعبة، بعد اندلاع الحرب الأوكرانية، ودخول العديد من الأطراف فيها، يبدو أنه سيقود العالم إلى تكتلات ومحاور سياسية وعسكرية، لا يمكن للغرب إيقافها أو تغيير مساراتها مهما امتلك من مصادر القوة والضغط؛ ذلك أن النهج الذي يتبعه الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، لا يسعى إلى إيجاد الحلول كما يزعم، وإنما إلى إثارة الحروب وزيادة الصراع، على أمل استنزاف روسيا؛ بهدف إضعافها، وتفكيكها بعد توسيع العقوبات الاقتصادية، والحصار السياسي وغيره، كما جرى للاتحاد السوفييتي السابق، لكن هذا الغرب يصّر على تجاهل الكثير من الحقائق، التي تشكلت ولم تكن موجودة عند انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، وأولى هذه الحقائق هو ظهور الصين كلاعب دولي كبير، وتعافي روسيا، ولو نسبياً، من الوهن المؤقت الذي خلّفه انهيار الصرح السوفييتي، ناهيك عن ازدياد الكراهية للولايات المتحدة في العالم، بسبب الغطرسة التي انتهجتها خلال العقود الثلاثة الماضية، باعتبارها باتت القوة الكبرى الوحيدة على الساحة العالمية، الأمر الذي جعلها تصم أذنيها عن كل التحذيرات الروسية والصينية من توسيع حلف الناتو شرقاً؛ بل وتعاملت مع الأمر باستهتار مقصود.
ومؤخراً استذكر عضو مجلس الدوما الروسي، أليكسي بوشكوف، سخرية الرئيس الأمريكي جو بايدن، قبل عقود عندما كان عضواً في مجلس الشيوخ، من تحذير مسؤولين روس له من التقارب بين روسيا والصين إن لم يتوقف «الناتو» عن الزحف شرقاً.
وفي مقابلة مع قناة «روسيا اليوم» الإخبارية قال بوشكوف: إن: «الجنون الذي يسود الغرب الآن يشبه الجنون الذي استحوذ على أوروبا عشية الحرب العالمية الأولى، عندما كانت الأطراف تسعى جاهدة للصراع مع بعضها، والآن هم يصممون على مواجهة روسيا، وصرحوا بشكل علني بأنهم في حالة حرب معها».
وأضاف: «أن الناتو يتحرك بأقصى سرعة نحو صراع عسكري مباشر مع روسيا، متجاهلاً كل قيود وحدود الدعم العسكري لأوكرانيا التي فرضها الحلف على نفسه سابقاً».
ويأتي ذلك متزامناً مع ما نشرته مصادر صحفية أمريكية، بأن روسيا والصين ستسيطران على الشرق الأوسط في القريب العاجل؛ بسبب سياسات الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التي أفقدته هذه السيطرة.
وقالت صحيفة «19FortyFive»: إن الولايات المتحدة بقيادة الرئيس الحالي جو بايدن، ستفقد سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط، وستهديها لروسيا والصين، مشيراً إلى أن أية قوة عظمى تسيطر على هذا الجزء من العالم، ستمتلك مميزات استراتيجية كبيرة على منافسيها، وأن الولايات المتحدة بدأت تفقد نفوذها تدريجياً، وأنها أصبحت قوة من الدرجة الثانية.
ويرى الكثير من المراقبين أن «الاجتماع الأخير بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والصيني شي جين بينغ، أدى إلى ظهور نظام عالمي جديد أوراسي، قلب الموازين، وجعل روسيا والصين اللاعبّين المهيمنّين في الساحة العالمية، وزاد من عزل الولايات المتحدة.
وبدلاً من أن تسعى الولايات المتحدة لتدارك الأخطاء سعياً لحلول توافقية للأزمات التي اختلقتها لكل من الصين وروسيا، من أجل إبقاء هيمنتها وهيمنة الغرب على العالم، فإنها تعمل على ما يبدو للإمعان في سياساتها؛ بل وتشكيل تحالفات عسكرية في آسيا، وهو ما يكشفه اقتراح كندا، وهي من حلفاء واشنطن المهمين من خلال إيجاد تحالف يضم سيؤول وطوكيو؛ بحيث يكون شبيهاً بالتحالف الأمني الرباعي غير الرسمي (كواد)، الذي يجمع أستراليا والهند والولايات المتحدة واليابان.
الولايات المتحدة تسعى مع حلفائها لتشكيل «ناتو» آسيوي، سيخلق المزيد من المتاعب لكل من الصين وروسيا، وينذر بالمزيد من الصراعات العالمية التي يبدو أن الولايات المتحدة باتت تتغذى عليها.