صروح التسامح

يعتبر التسامح والتعايش بين الديانات المختلفة مبدأ أساسياً من مبادئ الإسلام. فقد أظهر الإسلام طوال تاريخه احتراماً عميقاً للتنوع والتزاماً بالتعايش السلمي بين مختلف الطوائف الدينية. في الواقع يدعو القرآن المسلمين بشكل خاص إلى احترام وحماية حقوق الناس من جميع الأديان. أحد المبادئ الأساسية للتسامح الإسلامي هو مفهوم «أهل الذمة» الذي يشير إلى حماية غير المسلمين الذين يعيشون في بلاد المسلمين. وفقاً للشريعة الإسلامية ويكفل لغير المسلمين الذين يعيشون تحت الحكم الإسلامي بعض الحقوق والحماية، بما في ذلك الحق في ممارسة شعائرهم الدينية، وحماية ممتلكاتهم وسلامتهم الشخصية وعدم التعرض للاضطهاد.
تم الإعلان عن فكرة البيت الإبراهيمي لأول مرة في العام 2019 من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي وصفها بأنها «منارة للتعايش والتسامح والتفاهم». يتكون المشروع الذي تم بناؤه في أبوظبي من ثلاثة مبانٍ تمثل الإسلام والمسيحية واليهودية على التوالي مع منطقة مشتركة للعبادة والتعلم. 
ومنذ ذلك الحين تلقى المشروع دعماً واسعاً من الزعماء الدينيين والمنظمات في جميع أنحاء العالم مثل البابا فرنسيس الذي وصفه بأنه «رمز الأمل». ومع ذلك أعربت بعض الجماعات الإسلامية المحافظة عن انتقادها لبيت العائلة الإبراهيمية بدعوى أنه يروج للتوفيق الديني ويقوض المبادئ الأساسية للإسلام. ويجادلون بأن الإسلام هو الدين الحقيقي الوحيد وأن بناء مساحة عبادة مشتركة مع الديانات الأخرى يعد انتهاكاً للمبادئ الإسلامية. أثارت رؤية هذه المجموعات جدلاً داخل المجتمع الإسلامي حول دور الحوار بين الديانات والتعايش في الإسلام.
 بينما يرى أنصار البيت الإبراهيمي أنها خطوة إيجابية نحو تعزيز التفاهم والتعاون بين الديانات المختلفة وأنها تتماشى مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى السلام والتسامح واحترام جميع الناس بغض النظر عن حياتهم. ردًا على الانتقاد أصدر الشيخ عبد الله بن بيّه وهو عالم إسلامي بارز فتوى دعماً لبيت العائلة الإبراهيمية تنص على أن «بناء بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي تتماشى مع تعاليم الإسلام التي تدعو إلى السلام والتعايش والتسامح بين مختلف الديانات، كما أكد أهمية الاحترام المتبادل والتفاهم بين الديانات المختلفة».
نجد أن الإسلام يضع تركيزاً كبيراً على الاحترام المتبادل والتفاهم بين الديانات المختلفة. ويحثّ القرآن المسلمين على أن ينخرطوا في حوار وأن يسعوا لفهم معتقدات وممارسات الديانات الأخرى من أجل بناء جسور التفاهم وتعزيز التعايش السلمي. لقد وضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم نفسه مثالاً قوياً للتسامح والاحترام تجاه الناس من مختلف الديانات. وأقام علاقات سلمية مع المجتمعات اليهودية والمسيحية.
[email protected]