برامج تتغذى على النميمة

00:01 صباحا
قراءة دقيقتين

المائدة الرمضانية غنية، فعلى أي الأطباق يُقبل الجمهور أكثر، المسلسلات أم البرامج؟ المسلسلات تسحب البساط من تحت أقدام البرامج غالباً، والجمهور معذور في إقباله على الأعمال الدرامية بالدرجة الأولى، ليس بسبب استعادة الدراما عافيتها في دول عربية مختلفة فقط، ولكن السبب الأقوى هو ضعف وتراجع البرامج، وعجزها عن الخروج بأفكار جديدة ومواد دسمة ومناسبة تمكّنها من تجديد جلدها، واستعادة مكانتها على الشاشة، وفي قلوب المشاهدين، باستثناء بعض البرامج الإنسانية- الدينية التي تبقى دائماً خارج المنافسة، وتنجح في جذب الجمهور، وكسب تفاعله معها باستمرار.
ضعف البرامج الحوارية الذي نعانيه طوال العام، يكمل رحلته بشكل فجّ في شهر رمضان، حيث يحلو لمذيعين كثر فتح خزائن أسرار ونفوس الفنانين والمشاهير في هذا الشهر، والتركيز في فقراتهم وأسئلتهم لضيوفهم النجوم على آرائهم في زملائهم، كي يحقق البرنامج النجاح المرجو منه عبر سلوكه طريق البلبلة وإثارة الجدل المعتمدة على زلة لسان من نجم، أو لحظة اعترافه بخلافات مع زميل له ورأيه في فلان وفلانة.
البرامج الحوارية، وتحديداً الفنية، تبحث عن فضيحة، أو عن اعتراف من ضيفها النجم كي تحقق انتشاراً، والانتشار يعني أن يصبح البرنامج حديث الناس على السوشيال ميديا، وللأسف لم يعد يرى معدّو ومقدّمو البرامج الحوارية الفنية سبيلاً إلى النجاح وتحقيق نسب مشاهدة عالية غير النميمة، ومستلزمات بسيطة، مذيعة حسناء، وكرسيين وديكور داخل استوديو، وشاشة ضخمة وتلاعب بالإضاءة، أما المضمون فيعتمد على فريق إعداد مهمته النبش في دفاتر الفنان الشخصية، وحبذا لو التقطوا له تعليقاً أو كلمة قالها سابقاً عن أحد الزملاء، مع التركيز طبعاً على أسئلة عن حياته الشخصية وعائلته. 
 المشكلة أن تلك البرامج تتغذى على النميمة، فارغة من أي معلومة مهمة قد تفيد المشاهدين، أو ترفع من رصيد الفنانين، فراغ يقتات فراغاً، لا الترفيه يتحقق، ولا الإعلام ينجح ويتقدم، ولا البرامج تواكب التطور، بل تشعر بأن العصر بتقنياته واختراعاته وتكنولوجياته يمشي باتجاه، وتلك البرامج بقنواتها تمشي بالاتجاه المعاكس، ولن نقول تعود إلى الوراء، لأن «الوراء» يعني حقبات زمنية متتالية قدم فيها الإعلاميون برامج ناجحة، منهم من ابتكر فكرة، ومنهم من قلّد برامج عالمية ناجحة، لكنه قدمها بطريقته، وأضاف لها لمسة تناسب مجتمعه؛ فأين نحن من هؤلاء؟ أين شاشاتنا المتطورة بتقنياتها الحديثة من المضمون غير المتجانس مع مستوى تفكير أبناء هذا العصر؟ وحدها البرامج الإنسانية المفعمة بالروحانية تواكب العصر والواقع، وتلمس القلوب، وتتألق في شهر رمضان بكل البساطة التي تتحلى بها، بلا ماكياج ولا بهرجة ولا ديكور، وبعيداً عن نميمة الشوارع، وافتعال أزمات بين النجوم.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/z7hay7ff

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"