عادي

الدنيا بخير

22:47 مساء
الصورة

د. مايا الهواري

عبارات وكلمات تتردد على مسامعنا من قِبل الكثيرين من حولنا حول أن هذه الدنيا صعبة ولا نستطيع العيش فيها، وتغيّر الأصدقاء والأهل والجيران، وأنه لم يَعد كل منهم كما كان سابقاً. يقارنون حياتهم بحياة من سبقهم من السلف، حيث الألفة والمحبة والزيارات المتواصلة إلخ، وهذا أمر طبيعي، فالحياة الآن تغيّرت وليست كما كانت سابقاً؛ إذ أسهم التطور التكنولوجي في تغيير العالم وجعله قرية صغيرة بين أيدينا، قرّب البعيد، صغّر المسافات، اختصر الوقت، والكثير الكثير من الاكتشافات العظيمة التي غيّرت العالم وليس النفوس فقط. وكما أن للتكنولوجيا الأثر الإيجابي في حياتنا، إلا أنها سلاح ذو حدين، ولها من السلبي كذلك؛ إذ أسهمت وسائل التواصل الاجتماعي في تقليص الزيارات بين الأهل واقتصارها على الاطمئنان هاتفياً أو بحروف مكتوبة. وهذا ليس ذنب التكنولوجيا؛ بل ذنب أشخاص جعلوا آلات إلكترونية صغيرة تتحكّم في مسار حياتهم، هم من برمج حياتهم وفقاً لذلك، فلا ننس الأثر الكبير للتطور التكنولوجي الذي ساعد على إجراء العمليات الجراحية من بعيد، والتواصل مع الأطباء خارج البلاد والكثير الكثير، فهل يُعقل بعد ذلك أن نقول: إن الحياة ليست بخير؟ الحياة ما زالت بخير، لكن الإنسان هو الذي تغيّر وبرمج حياته بشكل خاطئ، فالله تعالى موجود هو من خلق الإنسان. خلق هذه الدنيا وهو من يرسل الخير للبشرية، فكيف لإنسان ضعيف أن يحكم بعدم وجود الخير؟ الخير موجود ما وُجدت الحياة على الأرض، إلا أن الابتعاد عن الله وعبادته ومناجاته جعل القلوب قاسية ناسية لقدرته تعالى، ناسية أنه الجبار الغني الكريم لا إله إلا هو، ممّا جعل اليأس يتسلل لداخلهم والقول إن الخير اختفى وأن الحياة لم تعد بخير.

إن الخبر باقٍ ما دامت البشرية على أرض المعمورة، قد يقلّ ويتضاءل بفعل بعض النفوس الضعيفة التي تفضّل مصلحتها على المصلحة العامة، لكن رب الخير موجود في السماء ولا يكلف الأمر سوى رفع الكفين للدعاء وسيسوق الله الخير كله بقدرته تعالى.

لذا، هي دعوة لكل إنسان أن يوثّق علاقته بربه ويزيد من الطاعات والعبادات، ويعمل جاهداً لكسب رضى الله تعالى، ولن يرده خائباً أبداً، لأنه قال في كتابه العزيز: «ادعوني أستحب لكم»، فالدنيا بخير، لأن رب الكون موجود وهو رب كل شيء.