عادي

كن بسيطاً

22:35 مساء
قراءة دقيقتين
د. سالم بن ارحمه

‏‏كلما كانت طريقة الحياة بسيطة خالية من التعقيد، والمظاهر المبالغ فيها، كلما قادت الإنسان إلى الوصول لهدفه الأساسي من أقصر الطرق، لأنه سيكون في قمة تركيزه، ولن ينشغل بالمشوشات؛ فالبساطة لا تعني السذاجة، أو التقشف، بل هي طريقة تفكير، وحياة سهلة مريحة، كما قال النبي، صلّى الله عليه وسلّم، عن صفة المؤمن: «هيّن ليّن سهل»، وقال تعالى:«يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر».

هذا الأمر في العبادة، فما بالك في العادة، فعيشوا بساطتكم، وكونوا كما أنتم، فهذا أطيب لنفوسكم، وأريح لمن حولكم، فالبساطة راحة بال، وأمان اجتماعي. وبساطة الأمس، تحوّلت إلى تكلّف زائد. ما ميّز الماضين غير البساطة، وما ضيّع التالين غير التصنع، فمما يشوش الحياة غياب البساطة، ويمكن التخلص من ذلك بالواقعية، والبساطة المستقاة من مشكاة النبوة، فقد كانت حياة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنموذجاً للحياة البسيطة ف«ما خُيّر رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً». وفي الحديث أن رجلاً أتي رسول الله، فقام بين يديه فأخذته رعدة، فقال له صلّى الله عليه وسلّم: «هوّن عليك فما أنا بملِك.. إنّما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكّة». هذا هو سيد المتواضعين، وصفوة خلق الله أجمعين، صلوات ربّي وسلامه عليه. فكُن فرداً بسيطاً من أفراد المجتمع، مهما بلغت درجتك في الحياة، فالبساطة حياة الأنبياء والعظماء، وهي منهج حياة. وفي كل الأمور روحانية وراحة بال.

‏عِش البساطة وابتسم للجميع خلِّ التواضع يحتفل بالسيادة

والخير والطيب وجميل الصنيع يسبق حضورك بالذكر والإشادة

كن بسيطاً في حديثك، في شخصيتك، فنجاحك من سرّ بساطتك. ولا تلجأ إلى تعقيد الأمور، وتجرّد من التصنع.. وتألق كما خلقك ربك «صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة»، «إنَّ خيرَ دِينِكُمْ أيسَرُه». وكن كما كان عليه الصلاة والسلام «يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويحلب شاته، ويخدم نفسه، ويكون في مهنة أهله».

ومجالسة البسطاء تعطيك شعوراً بالجمال والاستمتاع والراحة تنغرس في روحك، ومجالسة المتكلفين تجعلك تشعر بأن الحياة معقدة، وكئيبة.

المجانسة تكون بالمجالسة، والمشاعر معدية، قال عون بن عبد الله: «صحبت الأغنياء فلم أرَ أحداً أكثر همّاً منّي، أرى دابّة خيراً من دابتي وثوباً خيراً من ثوبي، وصحبت الفقراء فاسترحت».

مجالسة الأحبة على ماء وتمرات وفنجان قهوة راحة وسعادة. قال مالك بن دينار: «أثقلُ إخواني عليّ من يتكلف لي، وأتحفظ منه، وأخفّهم على قلبي من أكون معه كما أكون وحدي».

فلا أجمل من أن تكون على سجيّتك، فسرّ جمال الحياة البساطة. والابتعاد عن التعقيد والتكلف في المخبر والمظهر راحة، والبساطة في اللباس سرُّ الأناقة، وكن بسيطاً حتى في علاقاتك وكما قال المتنبي:

(( عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ

((وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ

كن بسيطاً، تعِش سعيداً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4j7dmktc

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"