دبي: حازم حلمي
يراهن قطاع السياحة والترفيه في دولة الإمارات على تصدره المشهد مجدداً بعودة الفعاليات والمؤتمرات والمعارض وورش الأعمال إلى سابق عهدها، بعدما تعطلت خلال الجائحة التي حالت دون إقامتها، لكنها سرعان ما استعادت عافيتها وتصدرت العناوين مجدداً في المنطقة والعالم.
دولة الإمارات أصبحت اليوم إحدى أهم الوجهات العالمية لسياحة الأعمال خلال السنوات الماضية، والمقبلة أيضاً، وثمة معايير عديدة للحكم على نجاح الدولة حتى تكون وجهة سياحية للأعمال، لا تقتصر فقط على مؤشر عدد الزوار القادمين إليها من كل صوب وحد لأغراض متنوعة.
تتمثّل أهم معايير الدولة الناجحة ببنيتها التحتية، واستدامتها، وقوة الاقتصاد، وكيفية تكيّفها مع تحديات جذب السيّاح واستيعاب أعدادهم الكبيرة، بالتوازي مع المحافظة على جودة الحياة للمقيمين فيها، فضلًا عن فعالية استجابتها للتقلبات الاقتصادية العالمية.
يسود الكثير من التفاؤل في نفوس مديري ومسؤولي الفنادق في الدولة الذين التقتهم «الخليج»، حول عودة سياحة الأعمال ومساهمتها بقوة في زيادة الإشغالات الفندقية إلى مستويات قياسية تفوق ما قبل العام 2019، بدعم من زيادة الفعاليات والمعارض التي تقام على مدار العام.
وينبع تفاؤل المسؤولين إلى ارتفاع الإشغال الفندقي، مع عودة الزخم السياحي للعديد من الأغراض، الأعمال، أو الترفيه، أو السياحة العلاجية، وأيضاً في الوقت الذي استضافت فيه الإمارات العديد من المؤتمرات والمعارض، بعد الجائحة، وحتى نهاية العام الجاري، المليء بالمزيد من الفعاليات في دبي وأبوظبي، وأبرزها استضافة فعاليات الدورة ال 28 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
سياحة الأعمال
تقول أمال أوماس مديرة إدارة التسويق في الشرق الأوسط لفنادق ومنتجعات ميلينيوم: «تعتبر سياحة الأعمال اليوم من أهم الأنظمة الموجودة التي تزخر بها دولة الإمارات بشكل عام، ودبي بشكل خاص، وتضم محافظة المجموعة 10 فنادق في دبي، و5 في أبوظبي، ومعظم النزلاء يأتون بغرض الأعمال أو الاجتماعات، بجانب السياح والزوار، الذين يزورون الإمارات طوال العام».
وأضافت: «نسبة الإشغال لدينا عالية جداً ولا تقارن بمستويات ما قبل عام 2019، بل فاقتها بشكل كبير، بعدما تخطت نسبة الإشغالات أكثر من 80% عما كان قبل الجائحة، ونتوقع بأن ترتفع النسبة خلال العام الجاري لتصل إلى 100%، مدعومة بالعديد من الأنشطة السياحية والفعاليات والمعارض في الدولة».
انطباع إيجابي
اعتبر عبدالسلام الكيالي، مدير عام العلاقات الدولية، في مجموعة محمد عمر بن حيدر القابضة، أن عودة السياحة الخاصة بالأعمال أدت إلى إعادة ملحوظة جداً للقطاع السياحي، حيث أعطت انطباعاً إيجابياً حول إعادة الزخم الكبير إلى الفنادق والمطاعم والشركات السياحية، والقطاعات اللوجستية في الدولة، وعند مقارنة الربع الأول من العام الجاري مع الربع ذاته من العام 2022، نجد أن أعداد السياح والفعاليات تضاعفت وبشكل كبير.
وقال الكيالي: «رفاهية الحياة الموجودة في دولة الإمارات على كل الصعد ساهمت في أن تجعل من دبي أهم المواقع العالمية لإقامة المناسبات والمؤتمرات، والتي أثرت بشكل كبير في الاقتصاد المحلي، وأعادت اهتمام العالم كله بما تصنعه الدولة في قطاع الضيافة».
وأضاف: «نرى اليوم توجه العديد من الشركات والفنادق والمؤسسات العالمية إلى افتتاح مقار إقليمية لها أو تتوسع في الإمارات، وكان قطاع الفعاليات والمعارض مساهماً كبيراً في توجه هذه الشركات، ولعل أبرزها سوق السفر العربي الذي استضاف نحو 150 دولة، وأيضاً التوقعات التي تشير إلى مشاركة أكثر من 170 دولة في كوب 28».
وأوضح أن التوجه اليوم في الإمارات إلى تنوع القطاعات السياحية لجذب أعداد أكبر من الزوار للدولة، من سياحة عائلية، وسياحة للأعمال، وسياحة الأفراد، وسياحة طبية، حيث أصبحت اليوم أحد أهم المراكز العالمية في السياحة الصحية، بعدما كان الأفراد يتوجهون إلى أمريكا وأوروبا لإجراء عمليات التجميل، وحالياً كل شيء موجود في الدولة.
وتوقع الكيالي أن تتجاوز أعداد السياح القادمين إلى دبي بنهاية العام الجاري، الرقم الذي سجل العام الماضي بنحو 15 مليون سائح، وبنسبة نمو تفوق 40%، مع تجاوز الإشغالات الفندقية يومياً في دبي نسبة 90%، وهذه كلها أرقام تبشر بأن سياحة الأعمال ستساهم بشكل كبير في ازدياد أعداد القادمين للدول سواء للترفيه أو الأعمال.
ووفقاً لتقرير صادر عن مؤسسة «نايت فرانك»، تمتلك دولة الإمارات حصة سوقية وصلت إلى 18% من إجمالي عدد الغرف الفندقية المتعاقد عليها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإجمالي 223 ألف غرفة، وسيحقق القطاع نمواً بنسبة 25% بحلول عام 2030 بإجمالي 48 ألف غرفة فندقية جديدة.
إطالة الإقامة
تقول رولا جوني، الرئيس التنفيذية لسياحة 365، التي تعمل تحت مظلة شركة أبوظبي الوطنية للمعارض «أدنيك»: «من خلال تواجدنا في أرض المعارض والاجتماعات التي تعقد مع الشركاء، نرى أن الفعاليات والمعارض والمؤتمرات التي أقيمت وستقام هذا العام فاقت وبنسبة كبيرة عام 2019، سواء من حيث الحضور والمشاركين، والزوار والسياح القادمين لغرض الأعمال».
وأضافت: «نعمل حالياً على زيادة عدد أيام وليالي مكوث المشاركين في المؤتمرات والمعارض بعد انتهاء أعمالهم، من خلال إطالة إقامتهم في الدولة من 5 إلى 10 أيام، كما أن الكثير من المشاركين في المؤتمرات يستقدمون عائلاتهم معهم للترفيه والسياحة». وأشارت إلى أن نسبة نمو قدوم السياح لغرض الأعمال في الدولة فاقت العام 2019، للعديد من الأسباب، أهمها؛ وجود أفضل مراكز المعارض بالعالم المجهزة بأفضل بنية تحتية، وتربع شركات الطيران الإماراتية على قائمة الأفضل بالعالم، وتنوع فئات الفنادق، بجانب الأمن الذي يبحث عنه السياح، وأماكن الجذب السياحية الأخرى التي تزخر بها الدولة، وكلها عوامل تساهم في نمو سياحة الأعمال، متوقعة أن تكون نسبة نمو السياح في الفترة القادمة قياسية.
أهمية سياحة الأعمال
يقول طوني كيال مدير عام فندق أسكوت فيلاس الرياض: «تساهم المعارض والفعاليات والمؤتمرات التي تشهدها الإمارات طوال العام على زيادة إشغال الفنادق، والمطاعم، والحركة السياحية».
وأضاف كيال: «أكبر دليل على مساهمة سياحة الأعمال في زيادة عدد الزوار القادمين إلى الإمارات هو سوق السفر العربي 2023، حيث المشاركون والزوار في ازدياد في كل عام للمنافسة وطرح مشاريع وتوقيع اتفاقيات جديدة فيما بينهم، لذلك تعتبر سياحة الأعمال عاملاً مهماً للقطاع السياحي والاقتصادي ليس للإمارات فحسب ولكن للمنطقة بشكل عام».
وكشف أن نسبة الإشغال الفندقي لديهم تعدت ال95%، منذ مطلع العام الجاري، وساهم السياح القادمون للدولة بزيادة الحجوزات بنسبة وصلت إلى 40%، في جميع الفنادق التي يمتلكونها، بجانب زيادة أيام المكوث في دبي بعد انتهاء مشاركتهم في المعرض لزيارة معظم الأماكن السياحية الغنية التي تزخر بها دبي.
يذكر أن المنشآت الفندقية في الدولة استقبلت خلال عام 2022 نحو 25 مليون نزيل، كما زاد عدد الليالي السياحية إلى 91 مليون ليلة، وارتفاع إيرادات المنشآت الفندقية إلى 38 مليار درهم خلال عام 2022، كما وصلت نسبة الإشغال الفندقي إلى 71٪ بالمنشآت الفندقية والبالغ عددها 1198 منشأة، لا سيما أن نسبة الإشغال الفندقي في الدولة تعد ما بين الأعلى عالمياً.