رحيل صاحب «المخطوط القرمزي»

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

فقد الوسط الأدبي والثقافي في إسبانيا وأوروبا عموماً، الكاتب أنطونيو غالا في الثامن والعشرين من مايو/ أيار الماضي عن 92 عاماً كان خلال زمنها الأدبي كاتباً أندلسياً بامتياز، وربما كان لنا نحن العرب في تراثه الروائي أكثر ممّا للإسبان، وبخاصة في روايته «المخطوط القرمزي» التي عرفها القارئ العربي في عام 1998 منقولة إلى العربية عن الإسبانية بترجمة مهنية لرفعت عطفة، وصدرت طبعتها الثانية تلك عن «دار ورد» في دمشق.
رحل صاحب «الوَلَهْ التركي» قبل أيام، ومرة ثانية، من دون علاقة للصحافة الثقافية العربية به، وعلى نحو يعاين جيداً الدماء الأندلسية العربية التي تجري في عروق هذا الكاتب الذي بدا من حياته الأخيرة أنه بعيد عن الأضواء والإعلام الدعائي الملوّن، شأنه في ذلك شأن الكتّاب الكبار الذين يُعوّلون في الأساس على كينوناتهم الثقافية والأدبية والإنسانية، بعيداً عن مرض العلاقات الأدبية والمجاملات الرديئة التي تطبع اليوم الكثير من حَيَوات كتّاب العالم، بمن فيهم عرب وأجانب.
لم يحدث لأنطونيو غالا أن وضع نفسه في صف أولئك الذين كانوا يصابون بالحمى عشية أو قبيل إعلان جوائز «نوبل»، مع أنه يستحق جائزة صانع الديناميت ذاك، وفي الوقت نفسه أيضاً لم يحدث أن جرى احتفاء عربي ثقافي بهذا الأندلسي الذي لا يغطي على دمه الثقافي المكون أصلاً من بلورات عربية وإسلامية. 
وإذا عدت إلى «المخطوط القرمزي» ستجد أن الرجل يبدأ روايته بقبسات من القرآن الكريم والأحاديث النبوية، أما أسماء شخصيات الرواية فهي عربية: خديجة، المرضعة صبح، وفايز الجنائني، ومالك، وعلي يوسف، أما الرواية فتقوم على خروج «أبو عبد الله الصغير» من مملكة غرناطة، ويسميه العرب «صقر قريش»، بينما يسميه الإسبان «بو عبدل»، والرواية كما هي رواية خروج وخذلان وانكسار هي أيضاً رواية حب، ورواية شعر أيضاً «لو تقبلين يا غرناطة لتزوجت منك».
المقدمة التي وضعها مترجم «المخطوط القرمزي» رفعت عطفة نعرف من خلالها أمرين مهمين. الأمر الأول، أن غالا صاحب رواية أخرى هي «خاتمان من أجل سيدة» قد زار سوريا في التسعينات من القرن العشرين، وربما كانت تلك الزيارة الأخيرة له لبلد عربي، أما الأمر الثاني فهو رؤيته للثقافة بشكل جوهري.. يقول: «كانت في العالم سيدة وخادمتان: الثقافة والسياسة والاقتصاد، واستطاعت الخادمتان أن تسرقا السيدة (الثقافة) مكانها لِتَحِلّا محلها، ومهمتنا نحن  المثقفين  هي كيف نعيد السيدة إلى مكانتها، والخادمتين إلى عملهما».
رأي ثقافي عتيق حول ثلاثية الثقافة والسياسة والاقتصاد قد يكون صالحاً لقراءة جديدة اليوم، وكذلك، قراءة أنطونيو غالا عربياً أكثر من مرة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msxujtec

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"