عادي

حياة ابن خلدون في رواية فرنسية

16:48 مساء
قراءة دقيقتين

القاهرة: «الخليج»

تسعى «رواية خلدون»، ترجمة مقداد عرفة منسية، إلى أن تقدم لنا صورة حية لابن خلدون بوصفه إنساناً، كما تصورته الكاتبة، بأفكاره ومشاعره وأفعاله واختياراته ودوافعه وتعامله مع شخصيات بارزة في السياسة أو في العلم، في خضم الأحداث التي طبعت المغرب والمشرق الإسلامي في القرن الثامن الهجري.

كاتبة الرواية مفالي بوانار زوجة طبيب عاش في الأوراس بالجزائر، وقد ولدت بفرنسا سنة 1882 وقضت حياتها بجنوب الجزائر وفي بسكرة خاصة، وقد سكنتها منذ 1911 وتوفيت سنة 1945، وتعلمت اللغة العربية وشغفت بتاريخ المغرب والحياة في الصحراء، واهتمت في كتاباتها بالعالم الإسلامي والنساء بصفة خاصة.

تعتبر مفالي من المؤلفين المهمين الذين كتبوا بالفرنسية في عهد الاستعمار، ولعلها أهم كاتبة امرأة في تلك الفترة بالجزائر، وهي من المنادين بانصهار الجزائريين، ولم يكن الإسلام مانعاً في نظرها، وهي تنتمي إلى «الحركة الجزائرانية» التي ظهرت بالجزائر بين الحربين العالميتين وهي حركة تابعة للأدب الاستعماري.

ألفت مفالي بوانار عدة كتب وروايات منها «رواية خلدون» التي كتبت في نهاية العشرينات من القرن الماضي، وكانت قد نشرت مقالاً عنه سنة 1929 بعنوان «حياة ابن خلدون الفذة.. مؤرخ العرب والبربر» ولم ترد أن تتحدث عنه كما يتحدث الباحثون المختصون، وإنما أرادت أن تصوره وهو حي فاعل على حد ما تراه وكأنه لا يزال باقياً في شمال إفريقيا في أفق بسكرة التي كان يحبها ويفضلها على غيرها.

ذكرت المؤلفة أعمال المستشرقين في القرن التاسع عشر، ونوهت بفضلهم في إرجاع ابن خلدون إلى الظهور، لكنها عابت عليهم أنهم قدموه وكأنه محنط، ولم يصفوه على حقيقته، في حريته واستقلاله وعظمته وعبقريته، وهي وإن سعت إلى أن تسرد أهم الجوانب في سيرته، فقد عمدت إلى إعمال الخيال، لتقدم لنا مشاهد حية منها.

تستعيد الرواية غالباً ما ورد بصفة موجزة في هذا المقال بالاعتماد على ما ترجم به ابن خلدون لنفسه في كتاب «التعريف بابن خلدون ورحلته غرباً وشرقاً» وبعض ما ورد في المقدمة وفي كتاب «العبر» ومصادر أخرى استعملتها بصفة ثانوية، وهناك فقرات كاملة من المقال وردت كما هي في الرواية، التي تعتمد على معطيات التاريخ لتقدمها بطريقة تضفي عليها الحيوية.

لا يقتصر الكتاب على تقديم روائي لحياة ابن خلدون وإنما نجد فيه كذلك عرضاً لعدد من أفكاره حسب ما فهمته المؤلفة ولم تعد هناك حاجة لمناقشتها نظراً لأنها أتت في فترة متقدمة نسبياً من الدراسات الخلدونية، وقد قسمت الكاتبة الرواية إلى أربعة أقسام كبرى، في كل واحد منها عدد من الفصول، وتعتبر هذه الأقسام أربع مراحل في حياة ابن خلدون، ويمكن في الوقت نفسه أن نرى فيها جوانب أربعة لهذه العبقرية: النديم، النصير، المؤرخ، القاضي المالكي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/msj65hud

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"