مصر وتركيا

01:01 صباحا
قراءة دقيقتين

وليد عثمان

كان الخلاف المصري التركي واحداً من أعقد الملفات بالمنطقة في العقد الأخير، لكنه، اعتماداً على حسابات كثيرة، إقليمية ودولية، تسارع بخطى متتابعة للتقارب والتفاهم في العامين الأخيرين، ربما بأكثر مما توقع كثيرون.

 وعلى عكس التعامل المصري المتحفظ مع أية إشارات تخص التقارب مع إيران، أو الارتقاء بمستوى التمثيل الدبلوماسي، جاءت علامات تصحيح مسار العلاقة بين القاهرة وأنقرة متوالية، وفق آليات اتفق عليها الطرفان، واعتمدا فيها التدرج المفضي من خطوة إلى أخرى أوسع.

 ولعل تهنئة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نظيره التركي رجب طيب أردوغان بإعادة انتخابه، بعد وقت وجيز من إعلان النتيجة قبل أيام، مهدت، كما يرى مراقبون، لقرب لقاء بينهما، خاصة مع الاتفاق على الارتقاء بمستوى العلاقات.

 ويُعَوَّل على هذا اللقاء المنتظر، أن يكون خاتمة للخلافات، وبداية مرحلة جديدة في العلاقات بين الطرفين، تنسجم ومراحل إعادة بنائها في المنطقة، انطلاقاً من تجاوز الخلافات، أو تصفير المشكلات، بحيث تنشأ صور جديدة للتعاون، وربما التحالف، بالاعتماد على الرؤى الذاتية للمنطقة واستقلالية قراراتها، مع غياب من اختار الغياب من القوى الكبرى، أو تغييبه.

 اتصال السيسي بأردوغان لم يكن جديداً، فمثله جرى وقت الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا، وبينهما مصافحة كانت لافتة بحفل افتتاح كأس العالم في قطر، لكن التوقيت هذه المرة كان دالّاً ومبشّراً بتتويج لجهود استمرت عامين لمعالجة أسس الخلافات.

 طبعاً لا يمكن فصل هذا التقارب وتسارعه عن تفاهمات أخرى في المنطقة، إنما لا يُتَصَوَّر أيضاً حدوثه بغير القفز فوق القاعدة الأبرز للخلاف، وهي نشأت بعد 30 يونيو/حزيران 2013 في مصر، أي مع الثورة على حكم جماعة «الإخوان»، وما أفضت إليه من تغيير المشهد السياسي في مصر. 

 واتسعت هذه القاعدة مع الوقت، بما هو معروف من وجود معارضة للنظام المصري يديرها «الإخوان» من الأراضي التركية، وتعبّر عن نفسها بصيغ كثيرة أبرزها القنوات الفضائية.

 وحدث الاشتباك السياسي المصري التركي أيضاً على أكثر من صعيد، وخصوصاً الساحتين الليبية والسورية، لكن ذلك كله ينحني لتبدلات السياسة بسطوتها التي لا تديم خلافاً أو اتفاقاً. وأبدت أنقرة من حسن النوايا وترجماتها ما شجّع القاهرة على التجاوب، فبدأت الوفود تسعى بملفات التصالح بين العاصمتين، تبعتها زيارة وزير الخارجية التركي إلى القاهرة وما أحاط بها من تعبيرات دافئة من الجانبين. وترافق مع اتصال السيسي المهنئ لأردوغان اتفاق الرئيسين البدء الفوري في ترفيع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وتبادل السفراء.

 لا شك أن الإقليم سيستفيد من طبيعية العلاقات بين كل مكوناته، فلكل منها ثقله ونقاط قوته التي يمكن أن يخدم توظيفها المصالح الفردية والثنائية والجماعية، ويقوّي شوكة الإقليم كاملاً في التعامل مع التحديات التي تتعاظم في العالم يوماً بعد آخر، ونحن في قلب المتأثرين بها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4u99nmd8

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"