الخبز

- يرتبط تاريخ الخبز بأكثر من تاريخ: تاريخ الجوع، تاريخ ثورات الجوع، تاريخ الحنطة، تاريخ الفلّاحين المزارعين الأوائل. أولئك من حوّلوا تراب الأرض إلى سنابل.
- ثمة في تاريخ الخبز ما يلتقي مع تاريخ الإنسان نفسه. تاريخه الثقافي والطبيعي. تاريخ المحراث والمذراة والشاعوب. تاريخ البيدر ولوح الدراسة و«فرقة» الدواب التي تجرّ اللوح، ثم أكياس الحنطة، ويعرفها الريفيون جيداً: كيس «أبو خط أحمر»، كيس «أبو خط أزرق»، وكأن لكل كيس سعة للقمح الذي يرتبط بالخير والرزق والعافية.
- في الثقافة الشعبية عند فلّاحي بعض القرى العربية إذا «صار» بينك وبين جارك «ملح وخبز» فهو ميثاق أخلاق: لا تخونه ولا يخونك، لا تتخلّى عنه، ولا يتخلّى عنك، أخوك وصديقك في السرّاء والضرّاء.
- عاش الكثير من أبناء جيلي على الخبز والزيت والزعتر. ثلاثية الغذاء الريفي الفلّاحي بامتياز. قل إنه كان آنذاك اقتصاد وفرة الأرض. الخبز والزيت والزعتر من التراب وإلى التراب. دورة الحياة والموت إياها للإنسان.
- عند المصريين، بخاصّة عند الفئات الشعبية الفقيرة، الخبز هو «العيش»، وكم في هذه المفردة الحميمة من دلالة ثقافية ونفسية، فالعيش البشري، حقاً، يقوم على الخبز.
- الخبز مُشْتَرك البشرية الوحيد الذي تتعاطى معه على المائدة.
- كانت جدّتي تخبز لنا ما كان يُسمى آنذاك خبز الصاج، كانت تجعل من عجين القمح أرغفة دورانية رهيفة تلفّها بيدين ناحلتين صغيرتين، وتلقي برغيف العجين على الصاج الذي تلتمع تحته نار الحطب، وما يلبث العجين دقائق حتى يتحول إلى خبز يميل إلى الحمرة اللذيذة..
- اليوم كثرت وتعدّدت أنواع الخبز. صار له عائلة خبزية عريقة جدّها الأول: القمح.
- الخبز مادّة أدبية، كما هو مادّة إبداعية، الخبز شعر وشعيرة. طعام متقشف مقدّس.
- كِسْرة خبز صغيرة تكفي الصوفيّ..
- بسبب الخبز، جرت حروب في العالم، سال فيها دم كثير صار خميرة حمراء للتراب.
[email protected]