عادي

«طريق الموت».. سودانيون يحكون أهوال رحلة الفرار من دارفور

21:37 مساء
قراءة 4 دقائق

الخرطوم - رويترز

أكد شهود أن عدداً متزايداً من المدنيين السودانيين الفارين من مدينة الجنينة في دارفور يلقون حتفهم، أو يصابون برصاص الميليشيات خلال محاولات الهرب سيراً على الأقدام إلى تشاد منذ منتصف الأسبوع الماضي.

وقال شهود، إن ميليشيات قبلية إلى جانب مسلحين كانوا وراء أعمال العنف في الجنينة على مدى الشهرين الماضيين.

وحاول عدد كبير من الأشخاص التماس الحماية قرب مقر للجيش في الجنينة في 14 يونيو/ حزيران الماضي، لكن حيل بينهم وبينها، حسبما قال رجل يدعى إبراهيم، وهو أحد السكان الذين وصلوا إلى بلدة أدري التشادية على بعد نحو 27 كيلومتراً من الجنينة.

  • الدهس بالأقدام

وقال إبراهيم، إن ميليشيات داهمتهم فجأة، وأطلقت الرصاص عليهم، مضيفاً أنهم أُخذوا على غرة، وأن هناك من ماتوا دهساً بالأقدام أثناء الفرار.

وأكد ثلاثة شهود إصابتهم بطلقات نارية أثناء محاولتهم الهرب من الجنينة، وذكر آخرون إنهم شاهدوا أعمال عنف على الطريق من المدينة. ولم يتضح القتلى في الأيام القليلة الماضية أثناء المغادرة.

وقالت منظمة أطباء بلا حدود الاثنين، إن نحو 15 ألف شخص فروا من غرب دارفور على مدى الأيام الأربعة السابقة، ونقلت عن كثيرين من الوافدين قولهم، إنهم رأوا أشخاصاً أُصيبوا بالرصاص، ولاقوا حتفهم أثناء الفرار من الجنينة. كما رصدت المنظمة حالات اغتصاب.

وقال أحد السكان ل«أطباء بلا حدود» من تشاد، إن «سكان الجنينة اتخذوا قراراً جماعياً بالرحيل»، وإن معظمهم فروا سيراً صوب الشمال الشرقي من الجنينة، لكن كثيرين منهم قُتلوا على الطريق. وقال رجل يدعى إبراهيم، إن قرار الفرار، جاء بعد مقتل والي غرب دارفور في 14 يونيو/ حزيران الجاري، بعد ساعات من اتهامه لقوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بارتكاب «إبادة جماعية».

وأضاف إبراهيم: «الناس بعد أن علموا بخطف الوالي وقتله قرروا مغادرة المدينة». واكتشف إبراهيم فيما بعد أن ثمانية من أفراد عائلته لقوا حتفهم من بينهم جدته، وأن والدته تعرضت للضرب.

وجاء في بيانات للأمم المتحدة،أن الحرب التي اندلعت في أبريل / نيسان الماضي، تسببت في نزوح نحو 2.2 مليون شخص، معظمهم من العاصمة ومن دارفور. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 600 ألف عبروا الحدود إلى البلدان المجاورة، من بينهم أكثر من 115 ألفاً فروا من دارفور إلى تشاد.

  • أعمال نهب

وأدى وقف إطلاق نار، مدته 72 ساعة بوساطة سعودية وأمريكية، وانتهى صباح الأربعاء، إلى هدوء في الخرطوم، لكن السكان أفادوا بانتشار أعمال النهب.

وقال الجيش، إن قوات الدعم السريع أحرقت مقر الاستخبارات مساء الثلاثاء. وحملت قوات الدعم السريع الجيش مسؤولية استهداف المبنى الواقع في منطقة قريبة من وزارة الدفاع ومقر للجيش ومطار يزعم الجانبان السيطرة عليه.

  • قتل «منهجي»

وقال شهود إن الاضطرابات في دارفور تصاعدت، مع احتدام الحرب في العاصمة، واتخذت طابعاً عرقياً، حيث يستهدف المهاجمون السكان غير العرب، مستدلين عليهم بلون بشرتهم. وأثار العنف تحذيرات من تكرار الفظائع التي شهدتها دارفور، بعد عام 2003 حين ساعدت ميليشيات «الجنجويد» في سحق تمرد جماعات في دارفور.

وقالت الأمم المتحدة، إن فظائع دارفور أودت بحياة أكثر من 300 ألف شخص، وأدت إلى نزوج 2.5 مليون.

وقال زعيم قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) الثلاثاء، إن قوته ستحقق في أحداث الجنينة. واتهم الجيش بإذكاء الاضطرابات بتسليحه القبائل، بينما وجه الجيش الاتهام لقوات الدعم السريع بقتل والي غرب دارفور وأعمال عنف أخرى في المنطقة.

وقال سلطان سعد بحر الدين زعيم قبيلة المساليت، التي تشكل العدد الأكبر من سكان الجنينة، إن عمليات قتل «منهجية» وقعت في الأيام الماضية. وأضاف لتلفزيون «الحدث»، أن الجثث ملقاة على الطريق بين الجنينة ومدينة أدري التشادية بأعداد كبيرة لا قبل لأحد بإحصائها، مشيراً إلى الصعوبة البالغة لرحلة الفرار إلى تشاد.

  • استهداف عرقي

وقال ناشط غادر الجنينة الأحد، إن فصائل مسلحة عززت وجودها في المدينة منذ مقتل الوالي، مضيفاً أنها تسيطر على الطريق المؤدي إلى تشاد. وأضاف، أن شهوداً أبلغوا عن حالات اغتصاب وقتل واختفاء قسري على هذا الطريق.

ويعد التنافس على الأرض من دوافع الصراع في دارفور منذ زمن بعيد. وقال إبراهيم، إن القرى الواقعة على الطريق من الجنينة إلى أدري كانت للمساليت، لكن القبائل العربية استوطنت بها منذ 2003.

وقال عدد من الشهود من الجنينة، التي تشهد انقطاعاً للاتصالات على نطاق كبير منذ أسابيع، إن غير العرب من ذوي البشرة الداكنة يتعرضون للاستهداف لا سيما المساليت. وقال عبد الناصر عبد الله، الذي وصل إلى تشاد في 15 يونيو / حزيران الجاري، إن منزله كان واحداً من منازل كثيرة في حيه تعرضت للاقتحام، وإن ابن عمه قتل بينما كان يختبئ فوق السطح.

وأضاف أنهم لا يبحثون فقط عن المساليت، ولكن عن أي شخص أسود، مشيراً إلى أن الجثث تملأ شوارع المدينة، ومنها جثث نساء وأطفال.

وقال إنه واجه مشكلات عدة خلال رحلته سيراً على الأقدام إلى تشاد، ومنها تعرضه للضرب وإطلاق النار والإهانة، مشيراً إلى أن من يفعلون ذلك ينتمون ل«الجنجويد» بعضهم يرتدون زي عسكري، وآخرون في ملابس مدنية، وأن جميعهم يضعون اللثام على وجوههم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3emnpf9e

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"