تحقيق: منى البدوي
يلهث كثُر خلف الرشاقة، من دون تكبّد عناء تغيير العادات الغذائية وأسلوب الحياة اليومي، ما يجعلهم يلجؤون إلى منتجات لم ترخصها الجهات المعنية، تباع بطرائق مختلفة، ومنها مواقع التواصل، تحت مسمى «أدوية عشبية لتنزيل الوزن» راج استخدامها بين شريحة تسعى إلى تخفيف وزنها، دون بذل أي مجهود جسدي أو تقليل السعرات الحرارية التي يلتهمونها يومياً. وأكد عدد من الأطباء ومتخصّصي التغذية، ضرورة تجنب استخدام أي عقاقير أو مواد عشبية غير مرخصة، لما قد ينجم عن استخدامها من آثار سلبية في الصحة. مشيرين إلى أن هؤلاء وعبر مواقع التواصل، يبيعون «الوهم» للأفراد ويتسببون بتوعكات صحية لمستخدميها، وهو ما رصده الأطباء ومتخصّصو التغذية، بمراجعات مستخدمي تلك الأدوية غير المرخصة، للمستشفيات والمراكز الطبية.
أما المتضررون منها، فقد أكد بعضهم أنهم وقعوا فريسة سهلة لهؤلاء المروّجين، لتناول هذه النوعية من الأدوية بوساطة مواقع التواصل، معتمدين على طريقة العرض، وتأكيدهم أنها عشبية 100 في المئة، ولا آثار جانبية لها، لكنهم سرعان ما يتوقفون عن استخدامها، بعد الشعور بالدوار أو ارتفاع ضغط الدم، أو اضطرابات الجهاز الهضمي وغيرها.
قالت «ف - أ»، إحدى المتضررات، التي حصلت على المنتج، بعد أن قرأت المعلومات التي حرص البائع على تضمينها، من سرعة نزول الوزن خلال مدة محدودة، وعدم وجود أي آثار جانبية: فوجئت بعد تناول «الدواء»، بأن نزول الوزن بطيء جداً، وبدأت أشعر بالدوار وعدم وضوح الرؤية وعدم انتظام ضغط الدم، ما جعلني أتوجه سريعاً إلى المركز الطبي معتقدة أن الأمر يتعلق بعارض صحي، بعيداً عن الدواء إلا أنني فوجئت بالطبيب يبلغني بأن الدواء غير المرخص الذي تناولته هو سبب ظهور تلك الأعراض، فتوقفت عن استخدامه.
وأشارت «م. ج» إلى تعرضها لتسارع في ضربات القلب بعد استخدام الدواء غير المرخص، وبعدها قررت التوقف عن استخدامه. مشيرة إلى أنها بعد محاولتها مخاطبة من يبيعه عبر مواقع التواصل، فوجئت بأنه يتجاهل الرد خاصة بعد أن أوضحت له بتعرضي وغيري ممن تناولن الحبوب نفسها، لآثار جانبية مختلفة.
آثار جانبية
وقال الدكتور مصعب محمد عثمان، متخصّص باطنية في «مستشفى الإمارات» بمدينة العين: راج استخدام حبوب لإنقاص الوزن غير المرخصة طبياً، من الذين يرغبون في فقدان الوزن بسرعة، وتختلف مكوناتها باختلاف النوع والعلامة التجارية، حيث إن بعضها قد يحتوي على مواد مختلفة مثل المنشطات والكافيين والأدوية المحظورة، مثل الأمفيتامينات والأفيونات.
وأشار إلى أن بعض هذه الأدوية غير المرخصة في الدولة، قد تحتوي على مواد ضارة أخرى، مثل المعادن الثقيلة والمواد المخدِّرة، ما يمكن أن يسبب الكثير من الآثار الجانبية والمشاكل الصحية، ومنها زيادة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم، والإدمان على الحبوب، وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية، واضطرابات في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والغثيان والقيء والصداع والدوار، والقلق والأرق، إلى جانب التأثير السلبي في الكلى والكبد، والتركيز والأداء العقلي. كما أنها قد تسبب فقر الدم ونقص الفيتامينات والمعادن في الجسم.
وأكد ضرورة تجنب استخدام حبوب إنقاص الوزن غير المرخصة، والاعتماد على التغذية الصحية وممارسة الرياضة بانتظام، لتحقيق فقدان الوزن بأمان.
خداع وتدليس
وقالت آيات عبد السلام، متخصّصة تغذية، إن أدوية إنقاص الوزن غير المرخصة، أو المجهولة المصدر، سواء كانت حبوباً أو على شكل بودرة أو كريمات موضعية، لتخفيف أو زيادة الدهون في مواقع محددة، وتباع عن طريق المواقع الإلكترونية بطريقة عشوائية، وبدون ترخيص من الجهات المعنية بالدولة يدعون بأنها من مصادر طبيعية أو أعشاب أو غيرها، وهو ما يعدّ تدليساً ووهماً ومحاولة لخداع الباحث عن الرشاقة.
وأضافت أنه بوجودي على رأس عملي، فوجئت بتزايد عدد المرضى الذين قدموا للبحث عن الطرائق الصحيحة والسليمة لإنقاص الوزن، بعد أن تعرضوا لمضاعفات تلك المستحضرات المجهولة المصدر. مشيرة إلى أن مستخدمي الكريمات تعرض بعضهم لحروق من الدرجة الثانية أو الثالثة أو الأكزيما، وغيرها من الأمراض الجلدية، وهو ما يجعل المريض يدخل في دورة علاجية.
آثار جانبية
وأشارت إلى أن الحبوب والمادة المطحونة «البودرة» تسببت في تعرض بعض من استخدمها إلى ارتفاع في ضغط الدم، وانخفاض أو ارتفاع في معدلات السكر بالدم، وتسارع في ضربات القلب والصداع الشديد والدوار، وألم في المعدة قد تصل في حالة استخدام المنتج إلى قرحة معدية وأيضاً الإغماء.
وأشارت إلى أن الأسباب التي تضع الباحثين عن الرشاقة للوقوع فريسةً سهلةً في شباك بائعيها، هي عدم قدرتهم على ضبط شهيتهم تجاه الطعام، أو الرغبة في الحصول على نتائج سريعة أو ثبات الوزن. وجميعهم أكدوا أن تعليقات المتابعين وأغلبيتها تؤكد نزول وزنهم، وأن المادة عشبية خالية من الأضرار وغيرها من العبارات المحفزة، أزالت مخاوفهم ودفعتهم إلى شرائه وتناوله.
وأكدت ضرورة عدم الاستهتار ولجوء الأفراد الذين يعانون السمنة إلى أخصائي التغذية، للتعرف إلى المشكلة الرئيسية التي أدت إلى زيادة الوزن أو ثباته، سواء كانت مشكلات صحية مثل قصور بالغدة الدرقية أو تكيسات المبايض أو الاضطرابات الهرمونية، أو مقاومة الإنسولين أو نقص في فيتامينات ومعادن الجسم، وغيرها من المشاكل الصحية التي تؤدي إلى زيادة الوزن أو تناول سعرات حرارية زائدة مع قلة الحركة، وهو ما تكشفه التحاليل الطبية لتوضع بعدها خطة علاجية، ومنها وضع حمية صحية فعالة تتناسب مع الفرد.
وأشارت إلى أن الحمية المناسبة لأحد الأفراد وحدّدت بناء على الحالة الصحية والعمر قد لا تكون مناسبة لغيره، حيث توضع الخطة العلاجية لمعالجة المشاكل الصحية التي يعانيها المريض، مثل ارتفاع الكوليسترول أو الغدة الدرقية أو الفيتامينات وغيرها، وهو ما يجعل الأنظمة الغذائية مختلفة من شخص إلى آخر. كما أن بعض الحالات تتطلب تدخلات دوائية.