الذكاء الاصطناعي في مجلس الأمن

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق
كلمة الخليج

صفعة كبيرة تلقاها بطل العالم في الشطرنج، الروسي غاري كاسباروف في 11 مايو/ أيار 1997، عقب خسارته أمام الحاسوب الخارق «ديب بلو» الذي صنعه فريق «IBM»، ما أشعل في ذلك الوقت نظرية مؤامرة دولية لا تزال موضع شك منذ 26 عاماً، وقتها صرخ كاسباروف بأعلى صوته «إنه غش محض»، وقال: «إن أحداً ما تحكم في الحاسوب ولا بد أنه لاعب محترف آدمي».

لم يصدق كاسباروف وقتها قدرة الجهاز على هزيمته، لكن الحقيقة أن تلك المباراة كانت بداية تحول مجتمعي رقمي لما يمكن أن نسميه استخدام «الذكاء الاصطناعي» أو ما يطلق عليه تقنية ال «ai»، التي تتطور بسرعة خارقة في مختلف المجالات، لدرجة جعلت الكثير منا يخشى على مستقبله ليس فقط من خطأ الذكاء الاصطناعي ولكن من تأثيراته الكارثية، أو بالأحرى من إمكانية استخدام قدراته في الإضرار بالبشرية، لأنه أصبح بإمكان جهاز الحاسوب أن يفكر، ويتصرف، ويستجيب كما لو أنه إنسان، وبالتالي قد لا نستطيع التحكم في قراراته أو ردود أفعاله.

هذا الاحساس بالخطر المحدق، جسّده جيفري هينتون، الذي يُنظر إليه على أنه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، عندما قدم استقالته من شركة «غوغل» منذ أشهر قليلة، محذراً من أن روبوتات الدردشة الذكية وتطبيقات مثل «تشات جي بي تي.. براند» يمكن أن تصبح قريباً أكثر ذكاء من البشر.

الخطر الذي نتوجس منه جميعاً ليس روبوتات الدردشة فقط، فهي قد تكون مفيدة في أحيان كثيرة، لكن الخطر الحقيقي يتمثل في كيفية تطوير الأنظمة العسكرية والمعدات الحربية وأنظمة الروبوتات باستخدام الذكاء الاصطناعي بشكل يهدد البشرية، وهو ما دعا مجلس الأمن الدولي، مساء أمس الأول الثلاثاء، إلى عقد أول نقاش رسمي بشأن الذكاء الاصطناعي في نيويورك، ودعت بريطانيا، التي تتولى حالياً الرئاسة الدورية للمجلس، إلى حوار دولي حول تأثير الذكاء الاصطناعي على السلام والأمن في العالم.

ويرى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في كلمته التي حملت عنوان «الذكاء الاصطناعي: الفرص والمخاطر للسلام والأمن الدوليين»، أن الاستخدامات الضارة لأنظمة الذكاء الاصطناعي لأغراض إرهابية أو إجرامية أو لصالح دولة، يمكن أن تتسبب في مستويات مرعبة من الموت والدمار وتفشي الصدمات والضرر النفسي العميق على نطاق يفوق التصور.

الإمارات العربية المتحدة، التي هي كعادتها حاضرة قبل الجميع، خاصة عندما يكون هناك خطر محدق بالبشرية، طالبت خلال الجلسة بالعمل بشكل استباقي فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، للمحافظة على السلم والأمن الدوليين، مؤكدة في بيان لبعثة الدولة خلال الاجتماع، أن التفاوض حول التهديدات والفرص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، أصبح من أهم قضايا العصر، وأشار البيان إلى أن دولة الإمارات وسويسرا تقدمتا منذ خمس سنوات باقتراح إلى الأمين العام أنطونيو غوتيريس، لإنشاء فريق لبحث هذه المسألة المهمة، والذي تم على إثره إنشاء الفريق الرفيع المستوى المعني بالتعاون الرقمي تحت قيادة الأمين العام.

إن حوكمة الذكاء الاصطناعي تتطلب توجهاً وجهداً عالميين، لكن السؤال الذي يفرض نفسه الآن هو: هل يبقى الذكاء الاصطناعي ومخاطره حبيس أدراج مجلس الأمن مثل القرارات السابقة، أم سنرى خطة دولية حقيقية لضبط الذكاء الاصطناعي وحوكمته وحماية الكرة الأرضية من الكارثة التي تقترب؟.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/33br7ebm

عن الكاتب

كلمة الخليج

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"