الذكاء الاصطناعي.. الفرص والمخاطر

00:10 صباحا
قراءة 3 دقائق

نبيل سالم

من المفارقات النادرة ما يثار عالمياً، وعلى أكثر من صعيد حول الذكاء الاصطناعي، ولا سيما عندما نسمع في الكثير من المناسبات عمّا يسمى بمخاطر الذكاء الاصطناعي، الذي يمثل في نظر العديد من المتخصصين تهديداً لمستقبل البشر ووظائفهم، فضلاً عن التحذيرات الكثيرة من استخدامه في أعمال غير قانونية، كاستخدام قراصنة الذكاء الاصطناعي في عمليات تضليل ونصب عبر رسائل البريد الإلكتروني، وهو ما كشف عنه مركز الأمن السيبراني الكندي، حول وجود أدلة أولية على استخدام قراصنة هذه التقنيات العلمية الهامة، بطرق غير مشروعة، مشيراً إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي لوضع برمجيات خبيثة لا يزال في بدايته، لكن هذا الذكاء يتطور بسرعة مذهلة، ما يجعل التحكم في الجوانب الخبيثة منه قبل انتشارها أمراً صعباً.

ورغم أنه لا يمكن لأحد إنكار أن الذكاء الاصطناعي يمثل قفزة علمية هائلة، ويقدم للبشرية فرصاً واعدة لابد من العمل على استغلالها، فإن المخاطر أو التهديدات التي تشكلها بعض تقنياته نتيجة للاستخدام السلبي، لا بد من أخذها على محمل الجد، برأي الكثير من الخبراء والمعنيين، وهو أمر دفع مجلس الأمن الدولي لعقد أول نقاش رسمي بشأن الذكاء الاصطناعي وتأثيره في السلام والأمن في العالم، في وقت تدرس الحكومات في جميع أنحاء العالم كيفية التخفيف من مخاطر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الناشئة، والتي يمكن أن تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، وتغير مشهد الأمن الدولي.

 وتبنّى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالتوافق، قراراً يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير وقائية ورقابية في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي.

ويدعو القرار إلى تعزيز شفافية أنظمة الذكاء الاصطناعي، وضمان أن البيانات المخصصة لهذه التكنولوجيا «تجمع وتستخدم ويتم تشاركها وتخزينها وحذفها» بطرق تتوافق مع حقوق الإنسان.

 ودفع ذلك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى التحذير من أن الذكاء الاصطناعي قد يشكل خطراً على السلم والأمن الدوليين، داعياً الدول الأعضاء إلى وضع ضوابط لإبقاء التقنية تحت السيطرة. وقال غوتيريس في جلسة مجلس الأمن «من الجلي أن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير في جميع مناحي الحياة»، مشيراً إلى أن التقنية قادرة على المساعدة في وضع حد للفقر أو علاج السرطان، لكن قد تكون لها «عواقب خطرة جداً على السلام والأمن الدوليين».

 كما حذّرت منظمة «اليونيسكو» من أن استخدام الذكاء الاصطناعي لتعزيز التطور في مجال التكنولوجيا العصبية، مثلما في حالة غرسات الدماغ وربط الجهاز العصبي البشري بأجهزة إلكترونية، يشكل تهديداً للسرّية العقلية للأفراد، داعية إلى وضع «إطار أخلاقيات» عالمي يتعلق بحماية حقوق الإنسان في مواجهة التكنولوجيات العصبية التي تهدف إلى ربط الأجهزة الإلكترونية بالجهاز العصبي، بما يتيح علاج الحالات العصبية واستعادة الوظائف المتعلقة بالحركة أو التواصل، أو البصر، أو السمعز

في حين أطلق الاتحاد الأوروبي التحذيرات من تداعيات الذكاء الاصطناعي على العامل البشري، في الوقت الذي ظهرت فيه دعوات لإنشاء هيئة تابعة للأمم المتحدة لإدارة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، على غرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

ووصل الأمر إلى حد تحذير عرّاب الذكاء الاصطناعي جيفري هينتون، وهو عالم نفس بريطاني كندي وعالم حاسوب، عمل لعقد من الزمن مع شركة غوغل، من المخاطر الكبيرة لأنظمة الذكاء الاصطناعي التي قد تخرج عن السيطرة وتضر بالإنسانية.

 والأخطر من ذلك، ما يقوله البعض بأن الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى الانقراض البشري، أو إلى كارثة عالمية، على اعتبار أن تفوق الذكاء الاصطناعي العام على الأدمغة البشرية، قد يؤدي إلى إنتاج أجهزة وآلات ستكون قوية ويصعب التحكم فيها، ويتوقف مصير البشرية على تصرفات هذه الأجهزة.

 والحقيقة أن هذا الجدل يقودنا إلى القول إن العلم، الذي يعد مظهراً لحضارة الإنسان ورقيّه عندما يستغل بشكل إيجابي، وينتفع به في كل ميادين الحياة، قد يتحول إلى ضرر عندما يستغل بشكل سلبي، وبعيداً عن القيم الأخلاقية الإنسانية، تماماً كما جرى عند استخدام الطاقة الذرية التي تعد أحد إفرازات العلم الكبرى في جريمة العصر، في هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، أواخر الحرب العالمية الثانية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2tbxhj9z

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"